“من الواضح أن الفلسطينين شعب صامد ….لا يكسره شئ”سارة جاي أستاذة العلوم السياسية في هارفارد خلد الفلسطينيون لنومهم مساء يوم الأحد الماضي الموافق ٥يوليو ، و ما حسبوا أن ليلهم سيكون قصيرًا ،فقد اقتحم الاحتلال الإسرائيلي مدينة ،و مخيم جنين مجددًا ،بقوة ٣٠٠٠جندي ،و بالطبع تضمن الاقتحام القذف بالمسيرات drones و المدرعات ، و خلف وراء ظهره ١٢شهيدًا ، و ١٠٠مصاب يشمل منهم عشرون في حالة خطرة ، و أعلن الاحتلال انتصاره فهل انتصر حقًا ؟،الحقيقة أن المخيم الذي لا تتجاوز مساحته الكيلومتر ،و يقطنه أكثر من ١٥ ألف فلسطيني سجل قصة تخلد في التاريخ الرائع للمقاومة ،و كيفية تحويل الموارد و العوامل الزهيدة لمصدر قلق ،و كابوس يؤرق “الجيش الذي لا يُقهر”.
و إذ أردنا أن نروي بداية القصة في موضوع جنين على وجه الخصوص ،فلابد أن نفهم أسباب عربدة الاحتلال معها ، فمدينة جنين التى مساحتها ٢٥٣كيلومتر مربع ،و تقع المدينة في الضفة الغربية ،أي يعتبرها الاحتلال في عمق المنطقة التى تتوافر فيها قوى الاحتلال، فالأمر تاريخيًا بدأ مع اتفاقيتي أوسلو الأولى ،و الثانية ١٩٩٣،١٩٩٥ ،و من أهم نتائج تلك الاتفاقيات هي تحييد موقف حركة فتح ،و تحويلها لمنسق أمني مع الاحتلال، و نتجية لذلك، تغيرت تركيبة مخيم جنين الاقتصادية ،و السكانية ،و أضحى فلسطنيو المخيم يعملون في مدن الاحتلال ،و تمتع مخيم جنين بالاستقرار الاقتصادي ،و الاجتماعي ، و ساعد هذا الاستقرار على عدة عوامل سيتم ذكرها لاحقًا .
و جاءت الانتفاضة الثانية عام ٢٠٠٣ ،أو ما عرفت بانتفاضة القدس ،و بالرغم من أن قادة جنين من فتح إلا أنهم تقينوا من أن الاحتلال لن يفي بوعوده في يتعلق بالمخيمات ،و القضية بشكل عام، و زاد هذا اليقين رسوخًا بعد مجزرة جنين عام ٢٠٠٢ ،إذ أن مجزرة أكتوبر ٢٠٠٢م كانت غير مسبوقة،ووحشية لدرجة تهدم ٨٠٠ بيت،و إلحاق الضرر ب٥٤٠بيت آخر ،و استشهاد ٥٤ فلسطينًا ،و نصفهم على الأقل من النساء و الأطفال،و قادة فتح المتواجدون في المخيم صاروا آباءً ،و تشربوا آبناؤهم أفكار المقاومة من حماس ،والجهاد الإسلامي ،فصاروا فتحيين بأفكار حماسية ،و ذلك لعدة أسباب:
١_أصبحت فتح ذراعًا أمنيًا للاحتلال
٢_إنفراد حماس و الجهاد بالردود الحاسمة على الاحتلال
٣_عدم تنفيذه الاحتلال لوعوده .وقد هاجم الاحتلال جنين بقوة غاشمة في عهد آرييل شارون عام ٢٠٠٦م ،بذريعة وجود عناصر للمقاومة بداخل المخيم ،و مرت الأيام ،و مع وقت الغلق بسبب انتشار وباء كورنا هز المخيم اقتصاديًا، و زادت البطالة ، و بدأ التخوف يزيد من جانب الاحتلال بعد أن هدأ روعه ،و أصبح يعين عليه قوة أمنية روتينة صغيرة ، و قفزنا لشهر نوفمبر ٢٠٢١ ،و مات مسؤول كبير من حماس ،و أصر الشباب على إقامة تأبين له ،فرفض الاحتلال، و استعن بذراعه الأمني “محمود عباس”،فأبذل قصارى جهده ،و لكنه فشل لغضب المخيم عليه، و تهديدهم ،و أصر الذراع في اجتماع له على تفعيل اتفاقية ٢٠١٨ ،و الذي تنص على “حق الفلسطينين في الحياة”،و ما أشعل قلقهم أكثر هو تدشين كتائب”سرايا جنين “المشرف عليها من حركة الجهاد،و نتجية لذلك، خاف الاحتلال من تعاون إيران معهم ،و لكن مع اغتيال “الغنام” و “طارق إبراهيم عز الدين” و “الهنتمني”،كشف المخيم عن مفاجأة لم تكن في الحسبان،و هو نواة مصنع أسلحة يدوية الصنع ،مما جعل المخيم في نظر الاحتلال خطرًا يضاهي خطر غزة عليه .
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
- مقالات2024.05.29كلا لن تفعلها أبدًا :هيئة الرد المصري على مقتل الشهيدين عبد الله رمضان وإسلام عبد الرازق
- مقالات2024.05.20التطبيع العنيف مع التنوير ….عندما تحولت نصيحة الشيخ عبد العزيز الطريفي لحقيقة واقعة في ألمانيا وبولندا
- مقالات2024.05.19تنوير التقويض .. جذور فكرة المخطط لتغير المفاهيم الشرعية والقيمية عبر مركز تكوين الفكر العربي
- مقالات2024.05.16مركز تكوين للملحدين… إثارة الجدل لتكوين عقائد جديدة وحداثية(١)