سقطت الأندلس تمامًا في سنة 1492 بسقوط آخر قلاعها الحصينة، غرناطة.
وخرج آخر ملوكها المسلمين “أبو عبد الله محمد الثاني” لتعاتبه أمه بالمقولةٍ المشهورة “ابكِ كالنساء على مُلكٍ لم تحافظ عليه كالرجال” إلى المغرب.
بدأت رحلة التطهير العرقي بحملات التفتيش على دين الناس وبدأت سياسة إجبار المسلمين واليهود على الدخول إلى المسيحية الكاثوليكية عنوة و قسرًا.
حيث بدأت الحملة بإصدار مرسوم بمنع استعمال اللغة العربية وبإحراق جميع الكتب الإسلامية والعربية، فتم إحراق آلاف الكتب في ساحة الرملة بغرناطة، بما فيها من العلوم التي لا تقدر بثمن.
ثم بدات الكنيسة في إنشاء محاكم التفتيش والتي تبدأ عملها بالتبليغ عن أي شخص يدين بدين غير المسيحية؛ ليُستدعى لتقديم شهادته، ثم تعرض نتائج التحقيق على الرهبان حيث يتجه قرارهم غالبًا إلى الإدانة، لتبدأ رحلة الاضطهاد الديني في أبشع صوره حيث تفنن الأسبان ليذيقوا المسلمين واليهود أشد أنواع العذاب.
ومن الأدوات المستخدمة للتعذيب ما يُسمى “ناي المشاغبين” والذي كان يتكون من حلقة كبيرة يتم وضعها حول رقبة المذنب، ويوجد حلقات أخرى صغيرة يتم وضع أصابعه بها، مع تسخين هذه الآلة لتتسبب في تسلخات جلدية عميقة تصل إلى العظام والمفاصل وقد تؤدي في النهاية إلى الموت.
وأيضًا ما يُسمى الثور الحديدي وهو قطعة نحاسية صلبة على شكل ثَور، مفتوحة من جهة واحدة ليتم إدخال الضحية بها، ثم يتم إشعال النار تحته حتى يتحول لون الثور إلى الأصفر ويخرُج البُخار من أنفه، يستمعون إلى صوت صراخ المذنب وهو يُشوى حتى الموت.
ومنها ما أُطلق عليه الحوض حيث يتم وضع الشخص في حوض وأمره بالجلوس بوضعية القرفصاء مع إبقاء وجهه ظاهرًا، يتم طلي وجهه بالحليب والعسل حتى تتغذى عليه الحشرات، يبقى المذنب غارقًا في فضلاته حتى يُجهِز عليه الدود ويقتله ببطىءٍ شديد.
إضافةً إلى كرسي محاكم التفتيش وهو عبارة عن كرسي مُثبت في كل جزء منه عدد مهول من المسامير، يتم تثبيت الضحية عليه لتخترق المسامير كامل جسده.
وغيره من العديد من الأدوات العجيبة التي تفنن في اختراعها هؤلاء بكل غل وحقد دفين. ويكفي أن ننقل ما سطره غوستاف لوبون في كتابه “حضارة العرب” حيث يقول عن محاكم التفتيش: «يستحيل علينا أن نقرأ دون أن ترتعد فرائضنا من قصص التعذيب والاضطهاد التي قام بها المسيحيون المنتصرون على المسلمين المنهزمين، فلقد عمدوهم عنوة، وسلموهم لدواوين التفتيش التي أحرقت منهم ما استطاعت».
واستمرت محاكم التفتيش حتى تم الغاؤها نهائيا سنة 1834م في عهد إيزابيلا الثانية، بعد أن تراجع نفوذها في القرن السابق.
و اعتبرت محاكم التفتيش الإسبانية في الأدب الشعبي من أكبر الأمثلة على القمع والتعصب الديني الأعمى بما تركته في أذهنة البشرية من صور مفزعة لقدرة الانسان على اخيه الانسان .
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
- مقالات2023.08.16فيلسوف العرب عبد الوهاب المسيري
- أخبار مصر والعالم2023.08.05حريق هائل يلتهم مبنى وزارة الاوقاف الأثري بالقاهرة
- مقالات2023.08.05كوارث صحية ومجاعة تهدد السودان
- مقالات2023.07.20سر السعادة