إذا رجعنا بذاكرتنا إلى ماضينا القريب منذ حوالي الثلاثون عامًا تقريبًا سنجد أن حياة معظمنا كانت متشابهة .
كنا جميعًا نسكن في أحياء ومناطق مختلفة في موقعها لكنها متشابهة في طباعها وسلوكها وروتين الحياة اليومي.
كنا نأكل ونشرب ما لذ و طاب في بيوتنا من أيدي امهاتنا و جداتنا حيث فكرة المطاعم و الوجبات السريعة لم تكن خيارًا مطروحًا للأسرة من الأساس.
كنا نشتري ملابسنا من مناطق معروفة مثل وسط البلد حيث تتنشر فيها محلات الملابس والتي لم نكن نكترث لأساميها فلم تكن ثقافة البراندات قد وصلت بعد .
كنا نذهب في الصيف للإسكندرية ورأس البر وجمصة نستمتع بالبحر المجاني المتح للجميع .
كنا نتعلم جميعًا في المدارس الحكومية جنبًا إلى جنب الفقير بجانب الغني .
ثم بعد ذلك ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي لنبدأ عهد جديد، عهد الثقافة الاستهلاكية التي تعتمد على مقارنة الأشخاص حياتهم بحياة بعضهم، ثقافة تغذي لديهم مشاعر الغيرة والحقد وتحثهم على الجري والهلث وراء كل جديد فقط ليتفاخر ويخبر الجميع أنه نجح في امتلاكه؟
أنه عهد مد العين وطول النظر وتمنى ما في يد الغير وعهد حب التملك وفقط.
ونسينا قول الله تعالى (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ)
لقد نجحت مواقع التواصل الاجتماعي في جعل حياة الناس الخاصة مشاعًا للجميع بمليء إرادتهم الحرة فلم
نعد راضيين بأحوالنا وحياتنا وما رزقنا به من نعم
بل نطمع في المزيد من متع الدنيا التي زينها الشيطان في أعيننا بعدما رأيناها في يد غيرنا ونسينا كل ما رزقنا به بالفعل من نعم ألفناها وتعودنا على بقائها ووجودها
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم «مَنْ أصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا في سربِهِ، مُعَافَىً في جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا»
فكيف سنشعر بالسعادة ونحن لا نرضى بما في أيدينا؟ و نحن نرى أن غيرنا يمتلك أفضل مما نمتلكه ؟؟ كيف نشعر بالسعادة و عندنا سخط مسبق إن مهما تملكنا من أشياء فهناك الأفضل منها ؟؟
(لَوْ كانَ لاِبْنِ آدَمَ وادِيانِ مِن مالٍ لابْتَغَى وادِيًا ثالِثًا، ولا يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلَّا التُّرابُ، ويَتُوبُ اللَّهُ علَى مَن تابَ)
(يا أبا هريرةَ ! كُنْ وَرِعًا تَكُنْ من أَعْبَدِ الناسِ ، وارْضَ بما قسم اللهُ لكَ تَكُن من أَغْنَى الناسِ ، وأَحِبَّ للمسلمينَ والمؤمنينَ ما تُحِبُّ لنفسِكَ وأهلِ بيتِكَ ، واكْرَهْ لهم ما تَكْرَهُ لنفسِكَ وأهلِ بيتِكَ تَكُنْ مؤمنًا ، وجاوِرْ مَن جاوَرْتَ بإحسانٍ تَكُنْ مُسْلِمًا ، وإياكَ وكثرةَ الضَّحِكِ ؛ فإنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ فسادُ القلبِ)
فسر السعادة هو الرضا والقناعة والتيقن القلبي بأن الدنيا دار إلى فناء ونعيمها ما هو إلا زينة و تفاخر والفائز الحقيقي هو من يفوز بالجنان.
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
- مقالات2023.08.16فيلسوف العرب عبد الوهاب المسيري
- أخبار مصر والعالم2023.08.05حريق هائل يلتهم مبنى وزارة الاوقاف الأثري بالقاهرة
- مقالات2023.08.05كوارث صحية ومجاعة تهدد السودان
- مقالات2023.07.20سر السعادة