![](https://elgomhornow.com/wp-content/uploads/2024/03/IMG-20240325-WA0053-1024x1024.jpg)
في عام ٢٠١٩ خرج علينا الباحث الشاب إسماعيل عرفة بكتاب الهشاشة النفسية ليقول بأن هناك ظاهرة غريبة تعبر عن حالة نفسية مقيتة ملئية بالبؤس والتحلل والتمركز حول الذات والتي بُنيت بعد الربيع العربي والتي فعلته المقاومة أنهى الهشاشة النفسية للأبد بلا رجعة.
فالذي فعلته المقاومة عملية نقل نفسي من حالة تفريغ معتمد يمتد فيه كل أشكال التفاهة والصفاقة والمياعة والهشاشة والخنوع والخضوع لحالة نقية وصافية من السواء النفسي الممزوج بدبيب الروح وصخب الحرب رغم الآمها واعتصارها لقلوبنا .
وعلاوة على ذلك، فإن متابعة خطابات أبي عبيدة المتحدث الرسمي باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام تلهب الجماهير العربية وتشعرها بالفخر والعزة لخنوع الحكام وتؤاطوهم الطافح والحكم بحالة الاستثناء التي تحول الفطرة السوية لفطرة وقف التنفيذ، لا الفطرة المنطقية المجبولة عليها الإنسان لقيم باتت مدفونة عندنا مثل العدل والمساواة والإنصاف.
كما أن الطوفان أنهى عصر القيم المدفونة وأعاد إحيائها من اتقان واجتهاد وفعل واستمرارية .
فهذه القيم أخذت بمحمل التنظير فيما نغضب أو نثور لهينة أو عند التماهي والتباهي للقبول بالوظيفة أو بالدرجات العلمية والوظيفية .
فكما يخبرنا الدكتور حامد عبد الله ربيع لا ينفك النفوذ العربي عن خليفته العربية والثقافية تحديدًا السلوك والسمت الإسلامي ليتنقل بذلك من مجرد القابلية للصمود للحالة التطبيقية التى أسماها مالك بن نبي الحالة الإصلاحية أو بمعنى أدق القابلية للمواجهة.
وللمفارقة كانت ولا زالت القابلية للصمود سلاحًا يستخدم ضد آليات الصمود المحفورة؛ فالصمود في العقل الجمعي المصري مرتبطًا بقبول الذل والقهر وتضخيم المشكلة بحيث تبدو في غير موضعها والفرد في مجتمعنا ديناميكي فاعل ومفعول به يقرر ويحافظ على صموده وتماسكه دون جدوى ولكن الصمود يضحى ذي جدوى عند محاولة الغرب فرض قيميه ومبادئه كتاريخ وأمر واقع.
إحياء دور الحرية والكرامة الإنسانية في كتاب تشكلات العلماني يوضح الانثروبولوجي السعودي طلال أسد بشكل يدمج قيمتي الحرية والكرامة من رحابة الدين لضيق العلمنة والعولمة، ويضيف لذلك أيضًا أن الأمر لم يتعلق قط بعلمنة الدين فحسب بل نقله من حيز التغيير العام والشامل لحيز التغيير الضيق أي نقل الدين من المحرك الأساسي للمجتمعات للمحرك الأساسي بحسب فهم الفرد للدين وتكوين قيمه الفردية.
ويأخذ ذلك عدة أنماط من أشكال السباب لأشكال الغضب والتعدي اللفظي باعتبار أن لا يمتلك الإنسان إلا كرامته للدفاع عنها والاستماتة فيفعل الناس تلك الأفعال والإرهاصات الدقيقة لعدم وجود قانون للضرورة، قتل المفهوم يسهم بالضرورة لنقل معناه وهذا ما حدث بالنسبة للمذلة والعجز كما يشير أولفييه روا.
وأما بالنسبة للحرية، فقد أعاد الطوفان للعقل العربي مرجعتيه للتفكير بها بعدما كانت محرك للتفكير في سفائف فلسفية مثل اختيار فصلك المفضل كالصيف أو الشتاء ، ولون ملابسك ومجال تطوير ذاتك وعملك ليس أكثر، فنقل الطوفان ذلك فهدم الحرية الشخصية وبنى مرحلة ما بعد الحرية وفقًا لبانكاح ميشرًا فالذاتوإن بدت مهمةكلمة غربية تعنى المرتكز الأساسي للفرد وليست مجرد كلمة بريئة.
فنحاج المقاومة الفلسطينية في هدم هذا المفهوم يكلل أمرين، أولهما هشاشة وسيولة المفاهيم الغربية وثانيهما نقل الفرد من مجرد عاملًا لنفسه لعامل لأمته وربه الذي سيسأله عما أضاع عمره، أو كما قال أحمد أمين عن مفاهيم الإسلام أنها صلبة وقوية وقتما فهمها الفرد قوي بها واخترق الجبال كالماء الزلال الذي نشربه ونشتف منه يوميًا .
وتلك المقولة طبقت في إنجاز مدهش وإعجاز بليغ سيكتب في التاريخ كما يسجله الحاضر ويصدقه.
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
مقالات2024.05.29كلا لن تفعلها أبدًا :هيئة الرد المصري على مقتل الشهيدين عبد الله رمضان وإسلام عبد الرازق
مقالات2024.05.20التطبيع العنيف مع التنوير ….عندما تحولت نصيحة الشيخ عبد العزيز الطريفي لحقيقة واقعة في ألمانيا وبولندا
مقالات2024.05.19تنوير التقويض .. جذور فكرة المخطط لتغير المفاهيم الشرعية والقيمية عبر مركز تكوين الفكر العربي
مقالات2024.05.16مركز تكوين للملحدين… إثارة الجدل لتكوين عقائد جديدة وحداثية(١)