ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها المخرج ، عبارة الإمام الشافعي رضي الله عنه التى تنطبق على حياة الدكتور أحمد رحمة الذى تم تعيينه رسمياً كأول معيد كفيف على مستوى جامعة القاهرة بكلية الإعلام بعد أن قضى حياة تشوبها الإبتلائات ولكنه حولها بصبره ورضاه الى مسرات حتى نجح فى تحقيق حلمة ، فى حوار خاص لموقع الجمهور الآن.
س ١/ فى حوارات سابقة لك ، هناك جرائد كتبت أنك وُلِدَت كفيفاً وأخرى كتبت أنك تعرضت لحادث أدى لفقدان البصر ، فما الحقيقة ؟ تعرضت لحادث وأنا فى سن ٦ سنوات عندما كنت بالصف الأول الابتدائي ، بعد خروجى من المدرسة كان هناك مصرف مائى على وشك أن يتم رصفه من قبل الدوله ، ورأيت ولداً كان يسير مع زملائه على حافة المصرف وسقط فيه ، ولحسن الحظ رأيت فلاحاً ماراً بالطريق فطلبت منه المساعده وبالفعل ذهب لمساعدتة واخراجة ،حينها جاء والد الطالب الذى سقط فى المصرف مسرعاً وتسائل عم من بفعل ذلك بإبنه وظن أنى انا من فعلت ذلك فقام بصفعى على وجهى وسقطت أرضاً وأغمى على مما تسبب لى فى نزيف وادإنفصال بشبكية عيناي ، وأرادت والدتي فيما بعد مقاضاة هذا الرجل ولكن والدى رفض هذا الأمر وقال إن ما حدث قضاء ومكتوب ويشاء الله أن أظل كفيفاً بعد إجراء ٢٧ عملية بعيناي حتى الصف الثالث الثانوى ،ورب ضرة نافعة وإن كنت الآن أجنى بعض ثمارها .
س٢/ من المؤكد أن الحادث أحدث فيصلاً جوهرياً فى حياتك .. فكيف جرت الأمور وكيف إستطعت التأقلم آن ذاك ؟ نعم سبب الحادث تغييراً جذرياً فى حياتي ولكن لم يؤثر علىَّ من ناحية شغفي للدراسة فمنذ عامى الثالث من عمرى كان أهلى يقولون إن علامات النبوغ ظاهرة عَلىَّ وكان حلمى أن أصبح طبيباً أو أستاذاً جامعياً ، وبعد الحادث أيضاً لم يتأثر مستوى دراستى ، ولكن التغير الجذرى بالنسبة لي أننى كنت قبل الحادث محاط بأصدقاء من مدرستي وجيران ومجتمع محيط بى بجوار بيتى أتعامل معهم وفجأة إضططرت لأن أنتقل لمدرسة أخرى للمكفوفين تبعد عن بيتي مسافة ٢٥ كيلو متر وكنت أسافر لها كل يوم .
س٣/ كيف مرت عليك أيامك الأولى فى مدرستك الجديدة ؟ فى البداية كانت أيام صعبة لأن المدرسة رفضت تواجدي فى الصف الثانى الإبتدائى وأصرت إداراتها أن أنتظر سنة بالبيت حتى أتمكن من اللحاق بالصف الأول الإبتدائي فى العام التالى بحجة أنى لا أعرف لغة برايل للمكفوفين ، ولكن والدى أصر على أن لا اضيع أى وقت وكان متبقى أسبوع واحد على الإمتحانات وتعلمت بالفعل بمساعدة والدى فى أسبوع واحد لغة برايل وإجتزت الإمتحان بل وتقدمت على زملائى فى الصف الثانى الإبتدائى ، وكنت الأول على فصلى ، ومنذ ذلك الوقت كنت دائماً فى المرتبة الأولى فكنت الأول على مدرستي فى الابتدائية وفى الشهادة الإعدادية كنت الأول على محافظة الشرقية وفى الثانوية كنت الأول على مستوى الجمهورية.
س٤/ كان حلم الطفولة أن تصبح طبيباً وبالفعل حصلت على المجموع الذى يؤهلك .. فلماذا غيرت وجهتك نحو كلية الإعلام بجامعة القاهرة ؟بعد إجراء عدة عمليات كان من الصعب عليَّ أن أتعامل مع التلفزيون والجرائد فإشترت لي والدتي راديو إذاعي ووجدت الأمر سهل في التعامل معه، وكنت دائماً أستمع لإذاعه القرآن الكريم والبرنامج الثقافي والترفيهي فأصبحت نقطه تحول بالنسبه لي في حب الراديو وشعرت أنه وسيلة للترفيه والتنوير في نفس الوقت ، وكان ذلك سبباً فى دخولى لكلية الإعلام ، بالإضافه لأنني كنت مسؤول الإذاعة في المدرسة وكنت أقدم أدوار مسرحيه وكثيراً ما قال لي معلمي وزملائي أني سأصبح مذيعاً ماهراً ، فضلاً عن أنني أحببت مهارة الكتابه وكتبت قصصاً وحفظتها على شرائط قديمة وبالفعل دخلت كليه الإعلام جامعة القاهرة وتم عمل إستثناء لي لأنني كنت الأول على الجمهورية.
س/٥ حدثنا عن دعم ودور والدتك معك منذ يوم الحادث وحتى دخولك الكلية ؟ منذ وقت وقوع الحادث كانت والدتى من تتولى أمرى لتوصيلى يومياً والسفر معى لمدرستي الجديدة وإنتظارى حتى نهاية اليوم الدراسى ، وهيا أيضاً من تولت أمر الذهاب معي وقت إجراء العمليات لأن والدى وبمحض الصدفه كُفَّ بصره وهو بسن ال٣٠ وتوفى صغيراً رحمه الله ، ووقت دخولى الجامعة منذ نهاية الأسبوع الأول تعرضت لحادث أنا ووالدتى أثناء رجوعنا من الجامعة للمنزل ، وإضطررت لعمل عملية مكثت على إثرها ستة أشهر فى المنزل ، وكانت والدتى التى تحصل فقط على تعليم إبتدائى من تتولى أمر الذهاب للكلية بدلاً منى وتقوم بتسجيل المحاضرات وتأتى لتقرئها على فى البيت ، وبرغم من تحذير الطبيب لى أن الحركة ليست فى صالحى فى هذا الوقت إلا إنى أصررت أن أذهب لإمتحانات الفصل الدراسى الأول واستإجرت لى والدتى سيارة خاصة وأنهيت فترة إمتحاناتى بتقدير ممتاز
.س٦/ قلت إن شغفك بالراديو كان سبباً لدخولك كلية الإعلام ،فلماذا فضلت قسم العلاقات العامة والإعلان على قسم الإذاعة والتلفزيون ؟ بالفعل يعد دخولي لقسم العلاقات العامه والإعلان من المفارقات العجيبة بالرغم من حبي لقسم الإذاعة والتلفزيون وإلتحاقى بقسم الإذاعة أول إسبوعين من الدراسة ولكن قررت الإنتقال لقسم العلاقات بالرغم من مضايقة أهلي ووالدتي من هذا القرار، وكان سبب إنتقالي من القسم أولا أنه لم يسبقني أحد في هذا المجال من المكفوفين بخلاف مجال الإذاعة فقظ سبقنى الكثيرون إلى هذا المجال، كما أنني فضلت قسم العلاقات لحبي لأساتذته فهم من زرعوا بداخلي حبي لهذا القسم منهم الدكتور سامي عبد العزيز والدكتور صفوت العالم ، وبفضل الله كنت دائما أحصل على الدرجات النهائية فى الكلية مما أهلنى لان أصبح الأول على دفعتى فى الفرقة الثانية والثالثة والرابعة ، وشاركت في عده مسابقات في فتره الجامعة وحصلت على لقب الطالب المثالي على الكليه في عام 2015 كما حصلت على لقب الطالب المثالي على مستوى جامعة القاهرة وتم تعيينى الفعلى عام 2017 2018 .
س٧/ ما هى الصعوبات التى واجهتك فى حياتك الجامعية ؟عندما كنت طالباً واجهتنى صعوبة وحيدة فى فترة الإمتحانات حيث كان من يكتب لى إجابات الاسئلة موظف لا أعلم مهاراته أو درجتة التعليمية ، وبعد فترة التعيين بالجامعة سهل على بعض الشىء إجادتى التعامل مع التكنولوجيا ولكن أرى أنه من المتطلبات الأساسية للكفوفين من طاقم التدريس بأى جامعة توفير الأجهزة الخاصة بنا كمكفوفين ليتثنى لنا تحويل المحتوي بشكل رقمي لأنه الى الآن وبسبب عدم توافر هذا الجهاز( البرايل سينس ) أضطر لحفظ المحتوى أو المحاضرة كاملة ، كما يجب أن تكون البنية التحتية للكلية مؤهلة لذوى الإحتياجات الخاصة أو يتم توفير مرافق لذوى الإحتياجات أثناء تواجدة فى الكلية.
س٨/ هل كانت هناك نماذج ملهمة لك أثناء مسيرتك التعليمية ؟ نعم ، بشكل عام يعد ملهمي الأول هو الرسول صلى الله عليه وسلم وبشكل خاص فى مرحلة المدرسة كانت ملهمتي معلمتي الأستاذه أيمان المصري فكانت تعاملنا بإنسانية فائقة الحدود وحصلت على جوائز كثيره وفي مرحلة الجامعة ألهمتني نماذج كثيره تمنيت أن أكون مثلها منهم الدكتور سامي عبد العزيز فهو موسوعة فائقة الحدود فهو ملهمي في المجال الأكاديمي والمهني على حد السواء، كما ألهمتني الدكتوره داليا عبد الله من الناحيه الإنسانية والعلمية وتقديرها للصغير قبل الكبير، وألهمتني الدكتورة ثريا البدوي بثقافتها الواسعه وتقديمها المبهر للمحتوى والعرض.
س٩ / ماذا تحب أن توجه من نصائح لطلبة كلية الإعلام ومن يضعها حلما نصب عينية يسعى لتحقيقه؟نصيحتي الأولى دائما لأي طالب بكلية الإعلام أنه يجب أن يكون على درايه جيده بأن كلية الإعلام هي مسؤوليه وليست مجرد تشريفة بأن يشاور عليك الناس بالبنان ، لأن الفتنة أشد من القتل والفتنة كلمه والإعلام ما هو إلا كلمه وبتلك الكلمه يمكن أن تبني مجتمعاً وتهد بها مجتمعاً أخر وتكون سبباً في تأخره، فإذا كان الطالب على قدر من المسؤولية على تحمل تلك المسؤولية الكبيره التي تلقى على عاتقه فأهلاً به في كلية الإعلام أما من يأخذ مجال الإعلام للشهرة والثراء فأعتقد ان المجال مكتف .
س١٠/ من واقع تجربتك الحياتيه ..ما هى نصيحتك العامة لكل من سيقرأ لك الحوار ؟ على الناس أن يؤمنوا دائماً أن الله لا يضيع اجر من أحسن عملاً ، فيجب دائماً أن نحسن الظن بالله سبحانه وتعالي ونعلم أن الله إذا إبتلى الإنسان فهذا يعد تكريماً له فعلى الإنسان أن يحتسب دائما ويصطبر وسوف يجازيه الله كل الخير في الدنيا قبل الآخره، كما أؤمن أيضا بأن الإنسان دائما طالما يقدر على التنفس فهو قادر على العطاء والفرص دائما لا تأتي للشخص إلا لمن يثابر وأ ليس للإنسان إلا ما سعى .
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
- تعليم2024.02.03الاتحاد المصري لطلاب صيدلة يعقد مؤتمر علمي بعنوان خطوة على الطريق
- تقارير2023.10.16ماذا بعد مونديال قطر ؟!
- أخبار مصر والعالم2023.08.17أرثر كارمازى: ” نؤمن بأهمية الثقافة التنظيمية في تحقيق التميز والنجاح في بيئة العمل”
- تقارير2023.07.29مصطفي الشربيني: نقطة اللاعودة أصبحت أقرب بكثير.. وصلنا إلى عتبة 1.5 درجة مئوية