الدوبامين، في الأساس هو نوع من الناقلات العصبية التي يفرزها الجسم، لتوصيل الرسائل بين الخلايا العصبية ويطلق عليه “هرمون السعادة”.
و لكن الدوبامين في الحقيقة غير مسئول عن الشعور بالسعادة و المتعه بل هو الهرمون المسئول عن سعيك للسعادة و دوره الأكبر في الشعور بالرغبة والحافز للقيام بالأمور التي تجعلك سعيدًا.
و يرتبط مقدار الدوبامين الذي يفرزه المخ بمدى سرعة الحصول على المكافأة ومقدار الجهد المطلوب للحصول عليها,وكلما كان الحصول على المكافأة أسرع وبجهد أقل، كان إفراز الدوبامين أكبرو التحفيز اقوى، و كلما كانت المكافأة مؤجلة و تحتاج لجهد أكبر، كان إفراز الدوبامين أقل و التحفيز اضعف .
فعندما يتعرض الإنسان لعدد من السلوكيات كالمأكولات سريعة التحضير، والمقامرة، والتسوق، والمواقع الإباحية، والمخدرات و مواقع التواصل وكل هذا من المسببات يتم اعفراز المزيد الدوبامين المحفز لأن الحصول عليها لا يستلزم أي مجهود يذكر في مقابل متعة وقتية سريعة .
ويحين أفعال أخرى، كالعمل، والمذاكرة وحتى الأنشطة الرياضية تكون فيها المكافأة مؤجلة والجهد المبذول أكبر، حينها يفرز المخ مقدارًا أقل من الدوبامين، لأنه كافٍ للقيام بالعمل.
و بما أن الجسم بطبيعة الحال يميل إلى أن يكون في حالة توازن دائم فعندما يتم إفراز كمية كبيرة من الدوبامين يقوم الجسم بتقليل حساسية مستقبلات الدوبامين ليسيطر على الوضع و يعيد التوازن للجسم و لكن يحدث بسبب ذلك أمرين في غاية الخطورة أولهما أنه قد يتجه الفرد لزيادة جرعات المتعه أملًا في الحصول على نفس تأثير النشوة و السعادة السابق و الذي ثبطه الجسم بتقليل حساسية مستقبلات الدوبامين .
والأمر الثاني و هو الأكثر خطورة هو بداية انعدام الرغبة و الحافز تجاه الأعمال الهامة و الفعالة و التي قد تصل في بعض الأحيان إلى تعرض حياة الشخص نفسه للخطر نتيجة عزوفه عن القيام بمهامه الأساسية.
فالانغماس في الأعمال الملهية التي ينتج عنها قدر كبير من الدوبامين مع مرور الوقت تصبح سبب رئيسي لفقدان الحافز و الرغبة في العمل على الأعمال المهمة المفيدة و هذا هو التعريف الدقيق لبداية الإدمان.
الأمر الذي جعل الطبيب النفسي الأميركي “كاميرون سيباه”، يبتكر ما يسمى بـ”صيام الدوبامين”فما هوالمقصود بصيام الدوبامين؟ هو علاجًا يشبه إلى حد كبير علاج الإدمان حيث يتم إزالة المحفزات المسببة للمشكلة من حول المدمن مرة واحدة في محاولة لتغييب نظام المكافأة في المخ, مع مساعدته في الانخراط في بعض الأنشطة الأخرى الهادئة مثل القراءة والمشي.
و بعد ذلك…ألم تلاحظ قوة الشبه بين ما يسمى صوم الدوبامين و بين صوم رمضان؟؟لنتأمل معًا فريضة الصيام و كيف أنه ترويض للنفس لتقوية الإرادة باعتماد فلسفة الحرمان, الحرمان من لذة الطعام و الشراب ,الحرمان من شهوات النفس و العادات السيئة.
عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال(وإذا كان يومُ صَومِ أحَدِكم فلا يَرفُثْ، ولا يصخَبْ، فإن سابَّهَ أحدٌ، أو قاتَلَه؛ فلْيقُلْ: إنِّي امرؤٌ صائِمٌ) اذن فالصيام معركة بين الارادة و الرغبة يجبرك رب العالمين على خوضها لتستمتع بلذة الانتصار و تجمع بعد ذلك الغنائم من سعادة و راحة نفسية و صحة جسدية.
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
- مقالات2023.08.16فيلسوف العرب عبد الوهاب المسيري
- أخبار مصر والعالم2023.08.05حريق هائل يلتهم مبنى وزارة الاوقاف الأثري بالقاهرة
- مقالات2023.08.05كوارث صحية ومجاعة تهدد السودان
- مقالات2023.07.20سر السعادة