كان هوارد كارتر على ثقة كاملة في وجود مقبرة توت عنخ آمون بوادي الملوك وظل يحفر لمدة أربعة مواسم كاملة وعند الموسم الخامس رفض اللورد كارنارفون تمويل الموسم ولكن عندما وجد أن كارتر على ثقة من وجود المقبرة وأنه سيستمر في الحفر حتى لو على حسابه الخاص وافق تمويله بشرط أن يكون هذا آخر موسم.
عندما حضر كارتر للعمل ومعه المئات من العمال كان هناك صبي لا يتعدى الـ 12 عام من عائلة عبد الرسول وهو حسين عبد الرسول وهذه العائلة الشهيرة التي كشفت عن خبيئة المومياوات عام 1871م وكان حسين يحضر المياه يوميًا داخل أواني فخارية وكانوا العمال يساعدونه في إنزال الأواني الممتلئة بالمياه وفي صباح يوم 4 نوفمبر حضر إلى الموقع وبدأ في حفر الأرض لكي يضع الأواني الممتلئة بالمياه في تلك الحفر وجد أمامه مدخل لمقبرة تقع أسفل مقبرة الملك رمسيس السادس وذهب لإخبار هوارد كارتر وظهرت على وجه كارتر البسمة ويقين أنه عثر على المقبرة واحتفل بحسين حيث وضع عقد من العقود التي عثر عليها داخل المقبرة حول عنقه وطلب من مصور البعثة أن يأخذ له صورة.
في الساعة الرابعة بعد الظهر يوم 24 نوفمبر 1922م وفي حضور اللورد كارنارفون وابنته قام هوارد بفتح فجوة في المدخل الثاني للمقبرة ونظر بداخلها وفي هذه اللحظة كان يقف اللورد كارنارفون إلى جواره يتصبب من العرق ولم يكن لديه الصبر لأنه يريد أن يعرف ماذا يوجد داخل المقبرة وقام كارتر بإيقاد شمعة لكي ينظر من خلال الفتحة الضيقة ويشاهد ما في الداخل وما أن فعل ذلك حتى انعكس ضوء بريق الذهب على عينيه وهو لا يكاد يصدق ما تراه عيناه وغرق في الصمت وكأنه نسى كل ما حوله لذلك سأله اللورد ماذا ترى؟ وكان رد كارتر مقتضبًا: “أشياء رائعة” هذه الكلمة هي الأشهر في تاريخ علم الآثار ولكن هي الكلمة التي نجدها على شفاة كل شخص يخطو إلى وادي الملوك أو يدخل مقبرة توت عنخ آمون.
كتب كارتر في تسجيله لأحداث المقبرة: “في البداية لم أستطع أن أرى شيئًا بسبب الهواء الساخن الهارب من الحجرة والذي كان يومض ويخبو لهيب الشمعة ولكن تدريجيًا وعندما اعتادت عيناي على الضوء ظهر من الضباب بعض تفاصيل الحجرة، حيوانات غريبة وتماثيل من الذهب تلمع وفي كل مكان كان هناك وميض من الذهب” كما أضاف كارتر: “لقد كانت أكثر التجارب التي عشتها روعة ولا يستطيع شخص مثلي أبدًا أن يأمل في أن يراها ثانية”.
اللورد كارنارفون وكارتر اتفقوا مع مصلحة الآثار وحددوا الافتتاح الرسمي للمقبرة يوم 29 نوفمبر 1922م أي بعد الكشف عن المقبرة بحوالي 25 يوم وظل هوارد كارتر يكشف ويرمم في القطع الأثرية التي عثر عليها وذلك لمدة 10 سنوات والتي وصل عددها إلى 5398 قطعة والتي عثر عليها كارتر داخل أربع حجرات صغيرة وعثر عليها بطريقة مخزنة وطلب كارتر أن يعاونه العديد من علماء الآثار والمرممين والمصورين للعمل معه داخل المقبرة حتى أصبحوا من المشاهير لأنهم اشتركوا في الكشف عن أهم كنز أثري تم الكشف عنه في القرن العشرين.
عندما تم الكشف عن مقبرة الملك الذهبي توت عنخ آمون وجد كارتر أن هناك آلافًا من القطع الأثرية مكدسة داخل المقبرة واختار أهم كيميائي ومرمم لترميم الكنوز المكدسة داخل المقبرة وهو “ألفريد لوكاس” وكان يتم تصوير القطعة الأثرية في مكانها وبعد ذلك يتم نقلها إلى المخزن ويتم تصويرها مرة ثانية ثم يأتي لوكاس ويرمم الأثر ويتم التصوير بعد الترميم ويأتي جاردنر لترجمة النصوص الموجودة على القطع وبعد ذلك تتم أعمال التسجيل الأثري والذي استغرق حوالي 10 سنوات ليؤكد هوارد كارتر أنه أثري على مستوى عالي ليس بسبب كشف المقبرة ولكن بسبب الأعمال العظيمة من تصوير وتسجيل ووصف للقطع.
وعند المقارنة بين الأثريين الذين كشفوا عن مقبرة خبيئة المومياوات في الدير البحري عام 1881م نجد أنه تم استخراج كل الآثار من الخبيئة خلال شهر واحد مع وجود تجاوزات كثيرة ولكن العمل داخل مقبرة توت عنخ آمون حافظ على الآثار التي يُقدر عددها بـ 5398 قطعة ومعروض منها ما يقارب الثلث في المتحف المصري بالتحرير.
المرجع:
توت عنخ آمون- زاهي حواس