تشتهر مدينة آسفي كونها عاصمة للخزف المغربي الفاخر، التي أطلق عليها القاضي وعالم الاجتماع عبد الرحمن ابن خلدون «حاضرة المحيط»، لما تتميز به من مآثر عمرانية وحصون تاريخية، كما يوجد بها مآثر برتغالية تجلب السياح من كل بقاع العالم، ومن أشهر تلك المآثر قصر البحر، وهو حصن دفاعي شيده البرتغاليون بالمدينة سنة 1523 وتبلغ مساحته زهاء 3900 متر.
لا يُعرف بالضبط العصر الذي تأسست فيه آسفي، فهي قديمة قدم التاريخ نفسه، وقد حيكت حول تأسيسها واشتقاق اسمها عدة روايات متضاربة، في حين قد ورد اسمها ضمن أمهات المعاجم، وذكرها ابن بطوطة في مذكراته الشهيرة التي تُرجمت إلى أكثر من عشرين لغة، كما زارها وزير غرناطة لسان الدين بن الخطيب، وأعجب بها “الدون إيمانويل” ملك البرتغال، فشيّد بها كاتدرائية بهندسة فريدة، تقف أسوارها شاهدة حتى وقتنا هذا على ماضٍ مجيد، يختزل ذاكرة من أسسها وسكن ربوعها ووطأ أرضها.
ومنذ أقدم العصور، وقبل دخول الإسلام، اعتُبرت المدينة ضمن المدن المُقدسة المعروفة في العالم القديم، حيث تعد آسفي وباديتها، من أقدس مناطق المغرب، وأكثرها ازدحامًا بالصلحاء والأولياء، وقد ذكر المؤرخ الإغريقي سيلاكس، الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد بعد زيارته منطقة عبدة على وجود حياة دينية مكثفة بها، وعلى أنها أقدس مكان بمجموع إفريقيا، كما ذكر أيضًا أنه وُجد بها معبدًا عظيمًا مخصصًا لـ “بوسيدون” إله البحر عند اليونان القدماء.
وقد لعب سكان آسفي دورًا هامًا في مقاومتهم للغُزاة البرتغاليين، فساحل المدينة يعج بالأضرحة من الشهداء الذين ارتقوا خلال المقاومة، كما أيضًا تضم رفات العديد من المجاهدين، وفي فترة الاستعمار الفرنسي، كانت آسفي سباقة إلى إطلاق شرارة المقاومة، حيث تشكلت بها العديد من منظمات الكفاح المسلح، حتى إن ثلاثة من أبنائها كانوا من بين الموقعين على وثيقة الاستقلال.
المراجع:
الكاتب والباحث المغربي: عبد الله النميلي
الكاتب المغربي: محمد نجيم
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
- التاريخ2023.02.27جيش العبادلة.. قصة تاريخية سُطرت بحروف من ذهب
- التاريخ2023.02.23تاريخ طائفة الحشاشين
- التاريخ2023.02.23كاتدرائية قرطبة وجامعها الكبير
- التاريخ2023.02.23قصة “جسر الأكاذيب” برومانيا