“فَرِق تَسُد” تلك هي السياسة التي يتبعها اليهود دائمًا للتفريق بين أبناء الأمة الواحدة أو بين أبناء الأمة العربية والإسلامية فعندما بدأ اليهود التحرك نحو هدفهم الأسمى “من النيل للفرات” اتبعوا هذه السياسة فهي سياسة التزوير للحقائق التاريخية؛ لتخلق نوعًا من الشك عند شباب الأمة العربية والإسلامية في عظمة تاريخهم ووحدتهم وهويتهم فإن اليهود يعلمون علم اليقين أن قوة المسلمين في اتحادهم، وأنهم لن يستطيعوا النيل من المسلمين إلا عند تفريقهم وتشكيكهم في تاريخهم وهويتهم.
لجأ اليهود إلى تزوير العديد من الحقائق التاريخية؛ لتحقيق هدفهم الأسمى “من النيل إلى الفرات” فاليهود دائمًا يحلمون أن يكون لهم دولة تضم كل من مصر، وسوريا، والأردن، ولبنان، وفلسطين، والعراق، واليمن، وعُمان، والإمارات، والكويت، والبحرين، وقطر، والسعودية ومن الحقائق التاريخة التي زورها اليهود هي نزول التوراة على سيدنا “موسى” – عليه السلام – في جنوب شبه الجزيرة العربية مستندين في ذلك إلى مقارنة لا أساس لها من الصحة بين اللغتين العربية والعبرية وقد ذُكر هذا التزوير في كتاب “التوراة جاءت من جنوب جزيرة العرب” الذي نُشر في “دار شبيغل الألمانية” وتُرجم إلى ست لغات أوروبية عام 1986، والدليل على أن هذه المقارنة لا أساس لها من الصحة هو أن الدكتور “كمال الصليبي”، أستاذ التاريخ واللغات السامية في الجامعة الأمريكية ببيروت أكد أن اللغة العبرية تعتمد على التصويت على عكس اللغة العربية التي تعتمد على الإعراب فإذا كتبت الكلمة العبرية من دون تصويت، فمن السهل تحريف معانيها وطريقة نطقها أيضًا، الدليل على أن اليهود اصطنعوا هذه الكذبة؛ تحقيقًا لأغراضهم الاستعمارية هو أن التقدم التيكنولوجي خلال النصف الأخير من القرن العشرين أثبت أن جنوب شبه الجزيرة العربية من أكثر المناطق الغنية بالذهب في العالم.
الحقيقة التاريخية الثانية التي زورها اليهود هي ادعائهم أنهم “شعب الله المختار” وهذه العبارة تعني أنهم الشعب الوحيد الذي يحبه الله، وهو الشعب الذي وعده الله بامتلاك أرض فلسطين والملفت في الأمر أنهم يجهرون بالكذب ويصدقهم الناس، حيث قالوا إن هذا الإله الذي اختارهم ووعدهم بأرض فلسطين ليس الله سبحانه وتعالى، بل هو إله لليهود وحدهم فقد ذكروا في “التلمود” والأسفار الخمسة الأولى في الكتاب المقدس “البنتاتويخ” أن هذا الإله اسمه “يهوه”، وأن له مساعدًا اسمه “ميتاترون” وقالوا ايضًا، إن “يهوه” يعمل لمدة ساعتين في اليوم ثم يستريح ويأخذ “ميتاترون” مكانه طوال المدة المتبقية من اليوم، وأن الشغل الشاغل “لميتاترون” هو تسجيل حسنات بني إسرائيل فقط ويعني هذا أنهم اخترعوا إلهًا للكون لا يهمه شيء سوى تسجيل حسناتهم فقط، أما الكون بكواكبه ومجراته وسمواته وأراضيه ونجومه وبحاره وأنهاره فيسيرون بطريقة اعتباطية.
أما الحقيقة التاريخية الثالثة التي زورها اليهود هي إنكار القومية العربية الإسلامية لمدينة القدس والسعي لتهويدها، حيث قالوا في “التلمود” والأسفار الخمسة الأولى في الكتاب المقدس “البنتاتويخ” أيضًا “إن هيكل سليمان مدفون تحت المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة” في محاولة منهم لهدم المسجد والقبة؛ لجعل القدس مدينة يهودية جملة وتفصيلًا. وهيكل سليمان – طبقًا “للتلمود” والأسفار الخمسة الأولى في الكتاب المقدس “البنتاتويخ” – هو أول معبد يهودي بناه النبي “سليمان” ودمره “نبوخذ نصر” عام 578 قبل الميلاد. وأيضًا الهيكل الثاني – طبقًا “للتلمود” والأسفار الخمسة الأولى في الكتاب المقدس “البنتاتويخ” – هو المعبد اليهودي الذي بُني على أنقاض الهيكل الأول تحت إشراف آخر ثلاثة أنبياء يهود: “حجاي” و”زكريا” و”ملاخي”، ودمره الرومان عام 70 ميلاديًا. والملفت في الأمر أنهم يجهرون بالكذب ويصدقهم الناس، فعلى افتراض أن هذين المعبدين كانا موجودين، فإن المسجد الأقصى مبنٌ قبلهما بألاف السنين. فالمسجد الأقصى هو ثان مسجد بُني على الأرض بعد المسجد الحرام. ففيما رواه “الإمام البخاري” عن “أبي ذر الغفاري” أنه قال: “يا رسولَ اللهِ ، أيُّ مسجدٍ وضعَ في الأرضِ أولَ ؟ قال : المسجدُ الحرامُ ، قلتُ : ثم أيُّ ؟ قال : المسجدُ الأقصى ، قلتُ : كم بينهما ؟ قال : أربعون سنةً”. ونحن نعلم جميعًا أن هناك اختلاف حول من الذي بنى المسجد الحرام. فهناك مجموعة من العلماء تقول إن الملائكة هم الذين بنوا البيت الحرام، وهناك مجموعة أخرى تقول إنه سيدنا آدم، وهناك مجموعة ثالثة تقول إنه سيدنا إبراهيم. ولكن أيًا كان الأمر، فقد بُني المسجد الحرام والمسجد الأقصى قبل مولد النبي سليمان عليه السلام أي قبل بناء الهيكل الأول أصلًا. أما الحقيقة التاريخية الرابعة التي زورها اليهود هي وجودهم القديم في مصر وفلسطين، حيث قالوا إنهم تركوا مصر بقيادة “سيدنا موسى” عليه السلام أمة واحدة مكونة من اثنتي عشرة قبيلة، وإنهم دخلوا فلسطين بقيادة “يوشع بن نون” وتمكنوا من السيطرة عليها بعد حرب واحدة. وهذا ما نفته “هيلين صادر”، أستاذة علم الآثار في الجامعة الأمريكية ببيروت في بحثها “أريحا كانت مهجورة في تلك الفترة مما يختلف مع ما جاء في التوراة”، حيث قالت “إن فلسطين كان يسكنها “الحيثيون” و”المسينيون” في الألف الثانية قبل الميلاد، ثم جاء بعدهم “شعوب البحر” وأقاموا مدنًا في جنوب الساحل الفلسطيني” وأما عن وجودهم القديم في مصر، فلا يوجد نص مصري قديم يثبت ذلك سوى نص النصب الملكي للملك “مرنبتاح” في القرن الثاني عشر والثالث عشر قبل الميلاد ذلك النص الذي ذُكرت فيه كلمة “إسرائيل”، ولكن تتضارب التفسيرات حول هذه الكلمة. فبعض العلماء يعتبرها إشارة إلى شعب إسرائيل، والبعض الأخر يعتبرها اسمًا لمنطقة في شمال سيناء أو ما يعرف اليوم “بصحراء النقب”. والرأي الأرجح هو أن اليهود دخلوا مصر مع الهكسوس واعتُبروا منهم وعلى الرغم من أن أصل الهكسوس يعود إلى آسيا الصغرى وأن الهسكوس ليسوا بساميين، فإن اليهود اعتُبروا منهم؛ نتيجة لانغماسهم في الحياة الهكسوسية التي استمرت لمدة 150 عام في مصر.
هناك العديد من العوامل التي ساعدت اليهود في تزوير الحقائق التاريخية؛ لإقامة دولتهم المزعومة أول هذه العوامل وأهمها هو الإعلام الصهيوني الذي يصوّر اليهود دائمًا أنهم ضحية ومظلمون، كما يصورهم أنهم قلة محاطة بالملايين من العرب الكارهين لهم والذين يضمرون العداء لهم وثاني هذه العوامل هي الدول الغربية وعلى رأسها انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية هذه الدول تدعم إسرائيل بشتى الطرق: إعلاميًا، وماديًا، وعسكريًا؛ وذلك لأن هدفهم واحد وهو القضاء على القومية العربية الإسلامية ،ويمكن أن يصل الأمر – عند هذه الدول – إلى تفضيل مصالح إسرائيل على مصالح مواطنيها. وثالث هذه العوامل هي “التلمود” والأسفار الخمسة الأولى في الكتاب المقدس “البنتاتويخ” اللذان لا يحتويان على تسلسل زمني للأحداث التاريخية المذكورة بهما؛ مما يسهل تغيير تواريخ هذه الأحداث في كل زمان ومكان لخدمة أهداف اليهود مثل محاولتهم لإثبات ملكيتهم لأهرامات الجيزة الثلاثة ومحاولتهم لإثبات أن الفرس ارتكبوا مجازر بحق اليهود بعد الفتح الإسلامي لبلاد فارس. ورابع هذه العوامل وأهمها هو العرب أنفسهم الذين أهملوا تاريخهم واعتبروه تاريخًا قديمًا ولى زمنه، بل وصدقوا هذه الأكاذيب والخرافات ويعتبر هذا العامل هو أهم العوامل؛ لأنه الهدف المرجو والأسمى الذي أراده اليهود والغرب منذ البداية فإذا تحدث الإعلام الصهيوني، وزوَّر اليهود “التلمود” والأسفار الخمسة الأولى في الكتاب المقدس “البنتاتويخ”، ودعَّمهم الغرب بشتى الطرق، ولم يصدقهم العرب وتمسكوا بتاريخهم وظلوا يدًا واحدة؛ لم تتمكن إسرائيل من فعل كل ذلك، ولم تتمكن أيضًا من إقامة دولتها المزعومة.
وختامًا، يجب على العرب والمسلمين أن يفيقوا ويعودوا إلى وحدتهم وتمسكهم بتاريخهم العظيم. ويجب عليهم أيضًا ألا يصدقوا اليهود؛ لأن هؤلاء قوم كذابون أفاكون لا يحترمون العهود ولا يتمنون الخير للإسلام والمسلمين. فقال تعالى “لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ” وقال أيضًا “فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ”.
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
- مقالات2024.04.19الفتور عن الطاعة بعد رمضان
- مقالات2024.04.15استمرار القيام بعد رمضان
- مقالات2024.04.07شياطين الإنس
- مقالات2024.03.24وأنا مالي