![](https://elgomhornow.com/wp-content/uploads/2023/10/IMG-20231016-WA0007-1024x1024.jpg)
عندما نتحدث عن الفروق الفردية بين البشر قد يطرأ على ذهنك مباشرةً أن مكتشف تلك الظاهرة هو عالم نفسي أو عالم في التربية بينما في الواقع مكتشف الفروق الفردية هو عالم فلكي، في عام 1796 طرد مدير مرصد رويال (ماكسيلين) بجرينيتش مساعده (كينبروك) بسبب الفرق الثابت في 18 ثانية بين ملاحظاته لمسار النجوم وملاحظات رويال لها.
وهنا يمكن القول بأن الخطأ في حادثة جرينيتش هو في الحقيقة مظهر من مظاهر الفروق الفردية وكان الهدف الأهم في هذه المعادلة هو تصحيح الفروق في الثواني بين الملاحظين وبذلك فهي أقرب ما يكون من مفهوم الخطأ الثابت في الفروق السيكوفيزيقية وربما يُعد هذا أول تسجيل نُشر عن المعلومات الكمية للفروق الفردية ذلك لأن هذه المحاولات استطاعت أن تحول الفروق إلى تقديرات عددية يمكن المقارنة بين مختلف الأشخاص على أساسها بدلًا من المقارنات اللفظية غير المحددة.
فكما اختلف كل من (ماكسيلين) و(كينبروك) في ملاحاظاتهم في تقدير مسار النجوم قد يختلفان في عوامل كثيرة أخرى، والاختلاف هنا لا يكون فقط في طريقة التفكير والتقدير ولكن هناك أيضًا اختلاف في الخصائص الجسمية كالتفاوت في القوى البدنية والطول والعرض، وتكون أيضًا اختلافات في الخصائص النفسية فالبشر لا يملكون نفس الدرجة من السواء النفسي والقدرة على تحمل الآلام النفسية، وإذا يمكننا تعريف الفروق الفردية بأنها تلك الفروق الجسمية والعقلية والنفسية التي تميز فردًا عن آخر فهذا الفرد أكثر ذكاءً من ذاك وهذا أقل انطوائية من ذاك كما أن هذا أطول من ذاك.
ويمكننا تقسيم الفروق الفردية إلى أربع أنواع رئيسية :
فروق بين الأفراد Inter – Individual.
فروق في ذات الفرد Inter- Individual.
فروق بين المهن Inter – Occupational.
فروق بين الجماعات Inter – Group.
- أولًا: الفروق بين الأفراد:
وهذا النوع يهتم بدراسة الفروق بين الأفراد وبعضهم من حيث قدراتهم وسماتهم، والهدف من دراسة هذا النوع هو مقارنة الفرد بغيره من أفراد مجموعته أو صفه الدراسي أو عمره أو بيئته من ناحية من النواحي النفسية أو التربوية أو المهنية أو الجسمية لتحديد مركزه النسبي فيها حتى يمكن تصنيف الأفراد إلى مستويات أو جماعات متجانسة. - ثانيًا: الفروق في ذات الفرد:
تعني اختلاف قدرات وسمات الفرد الواحد من حيث القوة والضعف ويهدف هذا النوع إلى مقارنة النواحي المختلفة في الفرد نفسه لمعرفة نواحي القوة والضعف بالنسبة لنفسه بمعنى مقارنة قدراته المختلفة للتعرف على أقصى إمكانية في كل منها بغرض الوصول إلى تخطيط أفضل برامج تعليمية أو تدريبية. - ثالثًا: الفروق بين المهن:
لكل مهنة متطلبات خاصة ومستويات مختلفة من القدرات، والاستعدادات والسمات، وقياس تلك الفروق له دور واضح وفعال في الانتقاء والتوجيه المهني، فقد وضع أفلاطون في كتابه “الجمهورية” أهدافه الأساسية في جمهوريته المثالية وفيه وضع كل فرد في عمل خاص يناسبه. - رابعًا: الفروق الفردية بين الجماعات:
أثبتت الدراسات الميدانية المتعددة أن هناك فروقًا بين جوانب الحياة النفسية في كل من الجنسين بين الجنسيات المختلفة وبين الأعمار المختلفة، وقياس هذه الفروق يفيدنا في دراسة سيكولوجية الجماعات وخصائص النمو ودراسة العوامل التي ربما تكون مسئولة عن هذه الفروق لإنماء الصالح منها والتغلب على غير الصالح، وكذلك تفيد هذه الدراسات في معرفة الفروق حينما يطبق اختبار للقراء على مجموعة من الأولاد مقارنة مع مجموعة أخرى من البنات. السؤال المتوقع الآن لماذا تحدث الفروق الفردية وما هو السبب في حدوثها وظهورها بين الأفراد، تتشابك وتتعاقد الأسباب المؤدية إلى حدوث فروق بين الأفراد ومن أهم تلك الأسباب التي توصل إليها العلماء: - البيئة والوراثة:
تتفاعل كل من العوامل الوراثية والبيئية في تكوين شخصية الفرد وتحديد سماته، فالإنسان يولد ولديه استعدادات فطرية وراثية ولكنها لا يمكن أن تتضح وتظهر بشكل ملحوظ إلا في وجود بيئة تحفز على ظهور تلك السمات، فالبيئة لها تأثير كبير في تكوين شخصية الفرد مثل (دور الأسرة – المدرسة – الواقع الاجتماعي – ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه) - الجنس:
أكدت الدراسات والأبحاث العلمية على وجود فروق بين الجنسين في مستويات المواهب والمهارات والقدرات العقلية، وقد قالت انستازي في كتابها “القياس السيكولوجي”: ينبغي على الأخصائي النفسي أن يتيقظ عند تفسيره لنتائج المقياس مع الذكور ومع الإناث حيث يضع في الاعتبار تلك البنود التي تعكس الاختلافات بين الجنسين. - المستوى العقلي المعرفي:
يقول دكتور أحمد مـحمـد الزغبي كلما ازدادت العمليات العقلية تعقيدًا وصعوبة، ازدادت تبعًا لتلك الفروق العقلية القائمة بين الأفراد وأثبتت بحوث ثوراندايك بأن تباين الفروق العقلية عند الإنسان أوسع من تباينها عند الحيوان، وتزداد هذه الفروق في الجوانب المكتسبة عما هي عليه في النواحي الفطرية.
بعد التعرف على مفهوم الفروق الفردية وأنواعها والأسباب الرئيسية في ظهورها من المهم أن نتعرف على أهمية دراسة ومعرفة تلك الفروق وما هي الفوائد العملية التي تعود علينا من التركيز على فهم تلك الظاهرة، وفي السطور القليلة الآتية سنعرض أهم تلك الفوائد:
- معرفة الفروق بين الطلاب من حيث القدرة على التحصيل والاستيعاب والطريقة المفضلة والمناسبة في التعلم.
- معرفة ومراعاة الفروق بين الأبناء وذلك لتربيتهم تربية إيجابية سوية بعيدة عن النقد غير البناء والمقارنات السلبية.
- معرفة الفروق بين الأفراد في اختيار المهن وذلك لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب له ليحقق أكبر قدر من النجاح.
- جعل علاقتنا بالآخرين علاقات سوية وذلك من خلال فهم طبيعة كل شخص ومفضلاته واهتماماته.
- مساعدة الفرد على معرفة نقاط ضعفه وقوته ومعرفة الأساليب الصحيحة التي تناسبه وتساعده في التخلص من نقاط الضعف وتعزيز نقاط القوة وتقويمها.