اتفق الفقهاء على أنَّ المرأة لا تَقضي الصلوات التي مرَّت عليها في وقت حيضها؛ لحديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضيَّ الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» متفقٌ عليه.
فـ “لا تَقضي الحائض إذا طَهُرَت شيئًا مِن الصلاة التي مرَّت في أيام حيضها، وتَقضي صوم الأيام التي مرَّت لها في أيام حيضها، وهذا نصٌّ مُجْمَعٌ لا يختلف فيه أَحدٌ”؛ كما قال الإمام ابن حزم في “المحلي بالآثار” (1/ 394، ط. دار الفكر).
وإذا حاضت المرأة بعد دخول وقت الصلاة -كما في مسألتنا-، ولم تكن قد أدَّت تلك الصلاة: فالمختار للفتوى: أنَّه لا قضاء عليها، بل تَسقط عنها هذه الصلاة حينئذٍ، وهو مذهب الحنفية.
وهذه المسألة متفرعةٌ على الخلاف الأصولي بين الحنفية والجمهور في مسألة “الواجب المُوَسَّع”، إذ قرَّر الحنفيةُ -خلافًا للإمام الكَرْخِي- أنَّ الوجوبَ متعلقٌ بآخِر الوقت، وأما تعلُّقُه بأول الوقت فإنما هو مِن جهة صحة الأداء لا مِن جهة الثُّبوت في الذمة.
حيث استدلُّوا على ذلك بحديث أبي موسى الأشعري رضيَّ الله عنه أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، قَالَ: فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ وَالنَّاسُ لَا يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالظُّهْرِ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدِ انْتَصَفَ النَّهَارُ، وَهُوَ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْمَغْرِبِ حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَخَّرَ الْفَجْرَ مِنَ الْغَدِ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ، ثُمَّ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ، ثُمَّ أَخَّرَ الْعَصْرَ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدِ احْمَرَّتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى كَانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ، ثُمَّ أَخَّرَ الْعِشَاءَ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، ثُمَّ أَصْبَحَ، فَدَعَا السَّائِلَ، فَقَالَ: «الْوَقْتُ بَيْنَ هَذَيْنِ» أخرجه الإمام مسلم في “صحيحه”.
وقال العلامة أبو بكر الحَدَّادِي في “الجوهرة النيرة” (1/ 32، ط. المطبعة الخيرية): [ولو حاضت المرأة في وقت الصلاة لا يَجب عليها قضاؤها بعد الطُّهر ولو كانت طاهرةً في أول الوقت، سواءٌ أدركها الحيضُ بعدما شرَعَت في الصلاة أو قبل الشُّروع، وسواءٌ بقى مِن الوقت مقدارُ ما يَسَعُ لأداء الفرض أم لا] اهـ.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا يجب على المرأة المذكورة التي فاجأها الحيض بعد دخول وقت إحدى الصلوات المفروضة بزمنٍ يسيرٍ أن تقضي تلك الصلاة التي أصابها الحيض في أثناء وقتها، ولا حرج عليها.
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
- أخبار مصر والعالم2023.07.30أشرف ذكي يناقش رسالة الدكتوراه المقدمة من الباحثة آية شرف بالمنوفية
- أخبار مصر والعالم2023.07.29محافظ البنك المركزي يكرم كلية الذكاء الاصطناعي بجامعة المنوفية
- أخبار مصر والعالم2023.07.29الأعلى للجامعات يعلن بدء العام الدراسي الجديد.
- أخبار مصر والعالم2023.07.25رئيس جامعة المنوفية يتابع خطة عمل تعلية مستشفى الطوارئ