![](https://elgomhornow.com/wp-content/uploads/2023/06/IMG-20230629-WA0046-1024x1024.jpg)
كيف تحول التعليم من غاية للتقدم إلى وسيلة للتفاخر؟ وكيف استغل البعض هذا التحول وجعلوا منه تجارة مربحة؟كيف اصبح التعليم في زمننا هذا وسيلة للتفاخر بين بعضنا البعض و انتهى عصر أنه غاية سامية لخدمة البشرية وتعمير الأرض؟
لقد كان العلم و التعلم لوقت قريب غاية سامية يدفع بها الأهل أولادهم و يحثونهم عليها ويسعون إليها من أجل تحقيق النفع لهم ولمن حولهم فكانوا حقًا يجتهدون في طلبه والعمل على طلبه جاهدين محققين وصية رسول الله في اطلبوا العلم ولو في الصين، فكانوا يتغربون ويهاجرون ويسهرون يتفكرون ويبحثون ليكتشفوا ما يحقق التقدم و الرقي و المنفعة للبشرية فكان العلم هدف راقي سامي.
أما الآن فقد تغير الهدف من التعليم وأصبح الآباء والأمهات يساقون مع القطعان مسيرون لا مخيرون يدفعون كل ما يملكون مقيدون في ساقية تدور وتدور ولا تقف أبدًا ليعلموا أولادهم لكن لماذا؟هل لهدف سامي في أنفسنا؟ هل بالفعل نعلم أبناءنا ليكونوا نافعين لأنفسهم و لأمتهم و للبشرية؟؟ هل سيضيفون جديدًا؟أم أننا صرنا سائرون مع القطيع لا نعرف هدفًا لما نفعله؟؟هل فكر أحدنا يوما ما في إجابة سؤال لماذا نتعلم وما هدفنا من هذا التعلم؟الإجابة بالطبع لا.
و لكن أتعرفون لماذا؟؟لأن السؤال نفسه لم يطرأ على بالنا من الأساس لأن إجابته للأسف ستكون لأن الكل يفعل ذلك، لأنه يجب أن أفعل ذلك و هذا هو التطبيق العملي لسياسة القطيع حيث الكل يساق بالعصا في طريق مرسوم له و هو لا يشعر ولا يفهم.
فكلنا نتعلم و نعلم أولادنا فقط لنحظى بلقب ما كي يكتب بجانب أسماؤنا يضعنا في وسط الطبقة الراقية فنحصل على وظيفة مرموقة وراتب ضخم يساعدنا على عيشة الترف والرفاهية لكي ننعم و نتفاخر !!أليس هذا هو الهدف الحقيقي لنا هذه الأيام؟؟ أليس هذا جل ما يفكر فيه الآباء لأولادهم؟من منا حقيقة يعلم أبنائه بهدف أن يكونوا نافعين؟؟ بهدف العلم نفسه؟ من منا يكتشف في أولاده مناطق قوتهم ويساندهم فيها لكي يخرج لنا جيل قوي متنوع المواهب قادر على التغيير؟أستطيع أن أجزم لكم أن أكثر من تسعين بالمائة منا ليس هذا هدفهم على الإطلاق بل لا يكترثون لمجرد التفكير في مغزى تعليم أولادهم وإنفاق كل تلك الأموال على الشهادات، والنتيجة هي جيلًا جديدًا مكدس بالأطباء والمهندسين الغير مؤهلين إلا من رحم ربي، لا يبالون بشيء إلا بتعيينهم في أرقى الشركات ليستكملوا مسيرة رفاهية العيش و حياة الترف.
إنه جيل لم يتعب و لم يسهر الليالي ليبتغي العلا، جيل بات هانئا منعمًا يحمل اللقب مسبقًا دون كد و تعب.
لقد حول الرأسماليون التعليم إلى تجارة في وقت ليس بالكثير واستغلوا بكل مكر ودهاء حب الآباء الشديد لأبناءهم والذي يجعلهم يفعلون أي شيء في سبيل سعادتهم وراحتهم فباتوا يعملون ليل نهار في الساقية المنصوبة خصيصًا لهم حتى يوفروا لأبنائهم تلك الراحة المزعومة ليكمل بعدهم أولادهم المسيرة في خدمة هؤلاء الحفنة من الرأسماليين الذي نجحوا في تحويل كل ما هو هدف سام إلى سلعة يتربحون منها و لكن لا عجب في ذلك إذ وجدوا من يشتري منهم و لا عجب أيضًا إذ تجد كل يوم تفتح المدارس والجامعات الجديدة بأسعار لا يقبلها عقل واعي و لا منطق سليم .
اتمنى يومًا أن نخرج ينفك عنا الرباط و ننطلق بحرية بعيدًا عن القطيع حيث يرجع العلم إلى غايته السامية ويخرج من بيوتنا علماء هدفهم الحقيقي نشر العلم و الارتقاء بالإنسانية .
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
مقالات2023.08.16فيلسوف العرب عبد الوهاب المسيري
أخبار مصر والعالم2023.08.05حريق هائل يلتهم مبنى وزارة الاوقاف الأثري بالقاهرة
مقالات2023.08.05كوارث صحية ومجاعة تهدد السودان
مقالات2023.07.20سر السعادة