
في الأونة الأخيرة شهدت النيجر مجموعة من الإضطرابات، بسبب سوء الأحوال الإقتصادية والإجتماعية والسياسة ، مما أدي إلى وقوع عدد من الانقلابات، التي أثرت بالسلب على تنمية المجتمع وتطوره ، وتجعله يعاني صعوبة كبيرة في العيش، وحقه في الاستقلال و ممارسة كافة حقوقه التي تكفلها المجتمعات لمواطنيها.
تاريخ الانقلابات العسكرية في النيجر
قامت النيجر بعدد من الانقلابات العسكرية بعد أن نالت استقلالها الرسمي في 13 أغسطس 1960، حيث شهدت أول انقلاب عسكري في عام 1974، حينما أطاح الجيش بقيادة المقدم (سيني كونتش) بالحكومة التي ظلت تتولى السلطة منذ أن أعلنت النيجر استقلالها، ليصبح بذلك الرئيس 25 في قارة أفريقيا الذي يسقط عبر انقلاب عسكري من جيشه.
وظلت البلاد تعيش في استقرار نسبي إلى أن نظم ضباط الجيش انقلاباً للإطاحة بالرئيس (محمد عثمان) عام 1996، بحجة أن ” المأزق السياسي يهدد الإصلاحات الإقتصادية” وتولي رئاسة الجمهورية بعد ذلك قائد أركان الجيش (الليفتنانت باري)، وكان هذا أول انقلاب يطيح بأول رئيس منتخب ديمقراطياً في تاريخ النيجر، مصرحا بأن الهدف من الإنقلاب هو” بداية جديدة وليس إنهاء الديمقراطية التعددية” وظلت البلاد تعيش أواضع مستقرة ، إلى أن وقع الانقلاب الدامي عام 1999، والذي يمثل ثالث انقلاب في تاريخ النيجر، وسمي بالدامي حيث قتل جنود منشقون الرئيس (إبراهيم باري) في ظروف غامضة، الذي سبق وأن دبر انقلابا ضد سلفه، ويأتي الانقلاب الرابع عام 2010،لاستعادة الديمقراطية، حيث تم على يد خلية سرية بقيادة الجنرال (سالو جيبو) ، وتمكنت المجموعة من اعتقال الرئيس (تاجني ممادوا) ووزرائه.
ويعد الانقلاب الذي حدث في الآونة الأخيرة ،هوالسادس في تاريخ النيجر منذ أن أعلنت استقلالها، حيث تم على يد الحرس الرئاسي للرئيس المعزول محمد بازوم، في 26 يوليو 2023،وإعلان قائد الحرس (عبد الرحمن تشياني) نفسه قائداً للمجلس العسكري الجديد.
ما هي أهم الأسباب التي قادت إلى الانقلاب؟
أدت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي عانى منها شعب النيجر،إلى وقوع عدد من الانقلابات، في محاولة لتحسين الأوضاع في البلاد،وكان من أهم هذه الأسباب هي الأزمة الاقتصادية التي عانى منها شعب النيجر بعد خروج الاحتلال الفرنسي، حيث قام باستنذاف الموارد البشرية والطبيعية،والتي باتت تقاوم الإحتلال حتي عام 1922، بجانب أن 80% من الأراضي تعد صحراوية تماماً،حيث أن الحكومة لم تقوم باستغلال هذه الأراضي، بالإضافة إلى استمرار الأزمات السياسية التي عانت منها البلاد بعد شبه الاستقلال التي حصلت عليه، حيث كان النظام الحكومي غير قادر على بناء نظام وطني ديمقراطي، بجانب فساد النخبة الحاكمة وتأثرها بالمحتل الفرنسي، واستمرار الفرنسيون في السيطرة على جميع جوانب الحياة، حيث كان المسمى استقلال والواقع سيطرته على الجوانب الاقتصادية والمالية والإستثمارية وحتي السياسية.
هل النيجر من أفقر دول العالم كما يزعمون؟
يقولون بأنها من أفقر دول العالم،والواقع أنها تحظى بأهمية استراتيجية لدى روسيا والصين والغرب، وسبق أن احتلتها فرنسا عام 1904 ، وأصبحت النيجر في ذلك الوقت جزء من أفريقيا الغربية الفرنسية ، وظلت تقاوم الإحتلال حتي عام 1922، وفي هذا العام حولت فرنسا البلاد إلى مستعمرة فرنسية، حيث باتت تستنذف مواردها الطبيعية والبشرية، وهي في أمس الحاجة إلى استغلال هذه الموارد ، حيث تعتمد في ميزانيتها على 40% من المساعدات الخارجية ، وظلت مستهدفة من دول الغرب نظرا لثراء تربتها بعنصر اليورانيوم الذي كان من أهم الأسباب التي قادت فرنسا إلى احتلالها، بجانب استغلال شعب النيجر لتجنيد أفراده في حملات الجيش الفرنسي، وهي البلد الذي يصل فيها نسبة السكان إلى 15 مليون نسمة، ونظراً لرتفاع نسبة المسلمين بها والتي تمثل 95% من إجمالي شعب النيجر ، بدأت حملات التنصير في محاولة لطمس الهوية الإسلامية، وارتداد المسلمين عن دينهم، ونتيجة لعدم رضا شعب النيجر عن التدخل الفرنسي ، وفي ومحاولات لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ظلت محاولات الانقلاب العسكري، إلى أن نالت استقلالها الرسمي في 13 أغسطس 1960، وإن ظل للفرنسين اليد العليا في إدارة النيجر .
انقلاب النيجر بين مؤيد ومعارض
بعد أن وقع الانقلاب على الرئيس محمد بازوم ، أثار قلق فرنساعدم إبرام الاتفاقات التي سبق وأن وقعتها مع السلطة المطاح بها حالياً، حيث كان من أهم أسباب الانقلاب منع أي تدخل خارجي في شؤون البلاد،كما حذرت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” الانقلابين وأمهلتهم أسبوعاً لإعادة الرئيس محمد بازوم للسلطة،محذرة من التدخل العسكري في النيجر إلا لم يعود الموقف إلى ماكان عليه.
وفي غضون ذلك صرح عبد الرحمن تشياني” لن نخضع للضغوطات الأقليمية والدولية لإعادة الرئيس محمد بازوم للسلطة، كما نرفض العقوبات التي فرضتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” رداً على الانقلاب في النيجر،واصفا العقوبات بأنها غير قانونية وغير عادلة وغير إنسانية”
كما أضاف رئيس المجلس العسكري في النيجر” هناك أمل في التغير ومكافحة الإرهاب ولن نخون ثقة شعب النيجر” كما صرح أن “من يعارضننا هم من يملكون علاقات مع لوبيات خارجية، وهذه المواقف العدائية والرادكالية لن يكون لها تأثير،وسنبذل قصار جهدنا للتعاون مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب” كما ذكرت مصادر رسمية أن البنك الإقليمي ألغي خططاً لإصدار النيجر سندات بقيمة 30 فرنك أفريقي (51مايار دولار) عقب توقيع عقوبات عليها، حيث كان من المقرر إصدار السندات في سوق الدين الإقليمية بغرب أفريقيا.
وفي ظل هذه التطورات اعتقل المجلس العسكري عددا من السياسيين، من بينهم وزيرة التعدين في الحكومة المطاح بها ،ورئيس الحزب الحاكم ووزير النفط ساني محمد وهو ابن الرئيس الأسبق محمد إسوفو،في المقابل قام بتعيين محافظين على الولايات الثمانية في النيجر وكلهم من المؤسسة العسكرية، بالإضافة إلى تغيير وزاري، كما شهدت المؤسسات الأكاديمية تعيين شخصيات مقربة من المجلس العسكري في محاولته للتمسك بالسلطة.ومع ذلك أيدت مجالس عسكرية أخري في غرب أفريقيا الانقلاب، حيث أعلنت بوركينافاسو ومالي أن” أي تدخل عسكري في النيجر إعلان حرب علينا” كما صرحت غينيا بالتضامن مع المجلس العسكري في النيجر حال تنفيذ أي تدخل عسكري.
موقف الأمم المتحدة من الإنقلاب
صرحت الخارجية الأميركية، بالتدخل العسكري المحتمل الذي أشارت إليه منظمة “إيكواس” الأفريقية لفرض عودة النظام الدستوري في النيجر،كما ذكر صامويل وربيرغ ، المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية ” إن الولايات المتحدة تتعاون مع المجتمع الدولي وقادة المنطقة، بما في ذلك مجموعة غرب أفريقيا، لعودة الرئيس محمد بازوم”
لماذا يثير الانقلاب قلق فرنسا؟
تعد النيجر واحدة من المستعمرات الفرنسية في أفريقيا ،وتوجد بها قواعد عسكرية فرنسية حيث ينتشر في أراضي النيجر ما يقرب من 1500جندي فرنسي، حيث تعتبر موقع اقتصادي مهم بالنسبة لباريس، وتستخرج شركة الطاقة النووية الفرنسية الحكومية “أورانو ” حوالي 15 بالمئة من اليورانيوم المستخدم في مفاعلاتها من هناك، كما تمثل الطاقة النووية بين 60 و 70 بالمئة من كهرباء فرنسا ، وهو واحد من أعلي معدلات العالم.
وبعد استعراض كافة التفاصيل حول هذا الملف ما موقف المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بعد انتهاء المهلة التي حددتها لعودة الأوضاع في المنطقة؟ ، وما مصير الانقلاب هل للثبات أم للإنسحاب؟ وما موقف فرنسا بعد أن ألغت قوات الإنقلاب التعاون العسكري مع باريس ؟ وغيرها من الاسئلة التي سنكون بصددها في الأيام المقبلة.
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
أخبار مصر والعالم3 أكتوبر، 2023الصحة: “خلال أيام سنعلن بشكل رسمي خلو مصر من فيروس سي”
تقارير2 أكتوبر، 2023فيروس يتسبب في آلام حادة في العظام ويؤدي غالبًا إلى الوفاة
اقتصاد2 أكتوبر، 2023وزارة البيئة تُحفز إنتاج بدائل الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام
أخبار مصر والعالم1 أكتوبر، 2023مجلس الوزراء يلخص مسيرة التنمية في مصر خلال 9 سنوات