![](https://elgomhornow.com/wp-content/uploads/2024/02/٢٠٢٤٠٢١٤_١٤١٥١٣-1024x1024.jpg)
نسمع رئيس الوزراء الإثيوبي “أبي أحمد” في كل خطاباته ولقاءاته ومؤتمراته يقول “إن سد النهضة لن يضر بأمن مصر والسودان المائيين”. إذن تعالوا بنا لنعرف مدى صحة كلامه من نهر النيل نفسه.
أنا نهر النيل أطول أنهار العالم وأقدمها، وأمر بعشر دول وهم مصر، والسودان، وإثيوبيا، وإريتريا، وكينيا، وأوغندا، وتنزانيا، ورواندا، وبوروندي، والكنغو الديموقراطية، هذه الدول تشرب من مائي وتروي بها أراضيها الزراعية؛ لتنتج كافة أنواع المحاصيل.
وأيضًا، تولد هذه الدول الكهرباء من مائي، تمثل مساحتي نحو عُشر قارة إفريقيا، حيث يمتد موقعي في الشمال الشرقي لقارة إفريقيا ويقع الجزء الجنوبي بمحاذاة المرتفعات الواقعة جنوبي بحيرة فيكتوريا والذي يضم هضبة البحيرات الاستوائية، كما يمتد الحد الشرقي جنوبًا من الأخدود الشرقي حيث بحيرة رودلف، ويمتد شمالًا ليحيط بالحافة الشرقية لهضبة الحبشة، ثم ينحرف تجاه الشمال الغربي ليسير بمحاذاة جبال البحر الأحمر حتى خليج السويس، ومن هناك شمالًا يصبح حدي الشرقي خليج السويس وما يليه شرقًا من جبال سيناء، ويستمر في امتداده شمالًا حتى يصل إلى مصبه في البحر المتوسط، إضافة إلى أن موقعي يمتد عبر 35 درجة عرض: من خط عرض 3 جنوب خط الاستواء إلى خط عرض 32 شمال خط الاستواء، يتميز موقعي بالتنوع المائي والتضاريسي من البحيرات والمستنقعات والقنوات والسهول، كما أني النهر الوحيد الذي يجري من الجنوب إلى الشمال.
ليس ذلك فحسب، بل أتميز بالتنوع المناخي مثل الإقليم الاستوائي، وشبه الاستوائي، والإقليم الموسمي، وشبه الموسمي، والإقليم الصحراوي، وإقليم البحر المتوسط، تبلغ حجم المياه النقية المستهلكة لي 84 مليار متر مكعب.
إن موقعي الجيولوجي يتكون من منطقة الصخور القديمة ومنطقة الصخور الحديثة، وتمتد منطقة الصخور القديمة من هضبة البحيرات الاستوائية إلى الخرطوم وتتكون من صخور قديمة جدًا مثل النيس والجرانيت والشست.
ولكن العوامل الجوية أثَّرت عليها؛ مما أدى إلى تفتتها وانتشارها في أماكن مختلفة مثل بحر الغزال، والجبل، والسوباط، وحوض النيل الأبيض، وهضبة الحبشة، أما منطقة الصخور الحديثة، فتمتد من الخرطوم شمالًا حتى البحر الأبيض المتوسط وتتكون من صخور رسوبية حديثة؛ مما يدل على أن هذه المنطقة كانت جزءًا من البحر ثم تكونت نتيجة اضطرابات كبيرة، وتتكون مجموعة من هذه الصخور من الخرسان النوبي الذي يميل لونه إلى الإحمرار ومجموعة أخرى من الرمل والطّفل والطباشير ومجموعة ثالثة من الجير ومجموعة رابعة من الصخور النارية والبازلت.
إن موقعي الجغرافي يتكون من الجبال والهضاب والسهول والهضبة الصحراوية، إن الجبال والهضاب تشمل هضبة البحيرات الاستوائية والمرتفعات الإثيوبية والأخدود الإفريقي العظيم وهضاب شرق إفريقيا التي تضم مجموعة من الجبال البركانية والالتواءات القبابية والبحيرات الحوضية والأخدودية “الأحباس الاستوائية” التي تربطها المجاري النيلية ببعضها البعض.
ويمتد الأخدود الإفريقي من زامبيا جنوبًا إلى وادي نهر الأردن شمالًا ويشمل البحر الأحمر من الناحية الشرقية، ويعني ذلك أن الأخدود يتكون من جزأين: شرقي وغربي، فالشرقي يخترق كينيا وإثيوبيا ولا علاقة له بحوض النيل، أما الغربي فيضم بحيرات تنجانيقا وإدوارد وألبرت ويمتد شمالًا مع بحر الجبل.
أما عن السهول الفيضية فتمتد من الجنوب إلى الشمال أي من هضبة البحيرات الاستوائية إلى غرب هضبة الحبشة والمرتفعات الإثيوبية، ومن أمثلة هذه السهول السهل الفيضي الجنوبي الذي يحتوي على مستنقعات بحر الجبل وبحر الغزال من ناحية الجنوب، وقد تضاربت الآراء حول كيفية تكوينه، فيرى لوبرديني عام 1865 أن مستنقعات بحر الجبل وبحر الغزال كانت عبارة عن بحيرة ردمها الطمي.
وقد وافق “ويلكوكس” على هذا الرأي وزاد عليه أن “بحيرة السد” أو “بحيرة نو” كانت جزءًا من هذه البحيرة وكانت مساحتها تصل إلى 160000 كيلو متر مربع أي أنها أكبر من مساحة بحيرة فيكتوريا وكان يصب بها نهرًا السوباط والنيل الأبيض، كما أيد “بول” رأي “ويلكوكس” وأضاف عليه أن حجم البحيرة كان يشمل إقليم السدود كله الذي يمتد من شمال السودان إلى ما وراء الخرطوم وكان يبلغ طول البحيرة 1050 كيلو مترًا.
بينما رفض “ليونز” كلا الرأيين، وأما عن الهضبة الصحراوية فتمتد من شمال الخرطوم إلى ساحل البحر المتوسط ويبلغ ارتفاعها 250 مترًا.
إن مناخي متنوع فيشمل أقاليم متعددة مثل الإقليم الاستوائي في جنوب وادي النيل الذي يتميز بارتفاع درجات الحرارة والرطوبة وهطول الأمطار طوال العام، والإقليم الاستوائي جهة الشمال الذي يتميز بهطول الأمطار الصيفية، ويضم هذا الإقليم المرتفعات الإثيوبية العالية وشمال السودان، والإقليم الثالث يقع في شمال حوض النيل ويتميز بانعدام الأمطار ما عدا المناطق الواقعة قرب البحر المتوسط، حيث يسود مناخ البحر المتوسط قرب الساحل ودلتا النيل وتقل الأمطار كلما اتجهنا جنوبًا.
والإقليم الرابع هو الإقليم الصحراوي الذي يمتد حتى خط عرض 18 شمالًا ويتسم بالجفاف؛ لبعده عن مناطق هبوب الرياح الموسمية المحملة ببخار الماء ولبعده عن مناطق إقليم البحر المتوسط، كما يتميز هذا الإقليم بارتفاع درجة الحرارة بشكل كبير حتى تصل إلى 40 درجة مئوية.
تتعدد منابعي ومصادري المائية فتشمل هضبة البحيرات الاستوائية، وبحيرة فيكتوريا وكيوجا، وبحيرة ألبرت، وبحر الجبل، تُعتبر هضبة البحيرات الاستوائية النابع الأول في منطقة “الحزام الاستوائي”.
كما تُعتبر الأمطار المصدر الأول للماء في هذه الهضبة، حيث تلتقي كتل الهواء القادمة من نصف الكرة الشمالي مع تلك القادمة من نصف الكرة الجنوبي؛ مما يؤدي إلى سقوط الأمطار طوال العام، وأيضًا، تُعد الأمطار المصدر الأول للماء في هضبة الحبشة وتسقط بالطريقة ذاتها التي تسقط بها على هضبة البحيرات الاستوائية.
أما الخزان الطبيعي لمياه النيل هو بحيرة فيكتوريا الواقعة داخل هضبة البحيرات الاستوائية، وتقع هذه البحيرة في منخفض التوائي مقعَّر وتبلغ مساحتها 69 ألف كيلومتر مربع وعمقها 80 مترًا، كما تمر بحيرة فيكتوريا بثلاث دول هم أوغندا من الناحية الشمالية تنزانيا من الناحية الجنوبية وكينيا من الناحية الشمالية الشرقية، وتتغذى من أنهار عديدة من جميع الجهات عدا الجهة الشمالية.
ومن الأنهار التي تغذي هذه البحيرة نهر كاجيرا الذي يبدأ منبعه من أقصى الجنوب عند خط عرض 4 جنوب خط الاستواء في بوروندي، وبحيرة كيوجا الضحلة في أوغندا التي يتصل بها نيل فيكتوريا “المخرج الوحيد لبحيرة فيكتوريا” من الجهة الغربية، ويبلغ متوسط المياه الضائعة في المستنقعات من هذه البحيرة نحو 1.7 مليارًا.
للنيل الأبيض ثلاثة منابع مائية: بحر الجبل من الناحية الجنوبية ونهر السوباط من الناحية الشرقية وبحر الغزال من الناحية الغربية، حيث تمد هذه المصادر النيل الأبيض بنحو 29 مليار متر مكعب من المياه، أما بحيرة ألبرت، فتقع على الحدود الغربية لأوغندا والشرقية للكنغو الديموقراطية وتبلغ مساحتها نحو 5300 كيلو متر مربع ويصب نيل فيكتوريا في طرفها الشمالي ونهر سمليكي في نهايتها الجنوبية، ويعتبر نيل ألبرت الذي تمده روافد السيول بنحو 1.2 مليار متر مكعب من المياه المنفذ الوحيد لبحيرة ألبرت، كما تكمن أهمية هذه البحيرة في مشروعات النيل في موقعها المثالي لخزان المياه عند بداية النيل ولمساحتها الكبيرة التي توفر من الماء نحو ملياري متر مكعب أي ضعف ما يوفره خزان أسوان، أما متوسط ما تنتجه هذه البحيرة من مياه فيبلغ 28.9 مليار متر مكعب منها 19.5 مليار متر مكعب من نيل فيكتوريا، وأما بحر الجبل، فينتج نحو 21.2 مليار متر مكعب وتخرج هذه المياه عن طريق بحيرة ألبرت.
وتعادل الكمية التي تساهم بها بحيرة الجبل كل منابع النيل السابقة من بحر الجبل حتى مدينة نيمولي الواقعة بين أوغندا والسودان.
ونستخلص مما سبق أن أوغندا تسيطر على معظم منابع النيل، كما نستخلص أيضًا أن هناك نهر نيل آخر يضيع في المستنقعات دون أية استفادة، وقد أُجريت دراسة حديثًا أكدت أن حجم هذه المياه يبلغ 900 مليار متر مكعب، ويبلغ نصيب مصر من مياه النيل المستهلكة 55 مليار متر مكعب منهم 40 مليار متر مكعب يأتي من هضبة الحبشة مرة واحدة في العام ويُسمى “بالفيضان السنوي” بينما يأتي الجزء المتبقي من هضبة البحيرات الاستوائية وبحيرة فيكتوريا وبحيرة ألبرت على دفعات متفاوتة طوال العام ويسمى “بالفيضان الموسمي”.
وختامًا، إن رئيس الوزراء الإثيوبي “أبي أحمد” يبني سد النهضة أمام هضبة الحبشة أي أمام 85% من أمن مصر المائي في نهر النيل ويدعي أنه لن يضر بأمن مصر المائي؛ لذلك أنا نهر النيل أقول لكم “إن أبي أحمد كذاب أفاك، وأوجه رسالة لكل الدول التي تمر بي وتتنعم بخيراتي “لقد خلقني الله؛ لأنشر الخير في الأرض بين الناس ولن أقبل أن يحتكرني أحدًا ولن أقبل أن أعطي دولة وأحرم الأخرى، كما أمر الدول التي تمر بي أن تمنع “أبي أحمد” من ارتكاب هذه الجريمة الشنعاء وأن تدعم مصر والسودان بشتى الطرق، وأيضًا، أمر مصر والسودان تحديدًا أن يمنعوا أبي أحمد من ذلك بشتى الطرق حتى لو وصل الأمر إلى احتلال إثيوبيا وهدم سد النهضة تدريجيًا”.
وأخيرًا أقول للعالم كله “لو كان أبي أحمد لا يريد إيذاء مصر والسودان لبنى السد في مناطق المستنقعات ولزاد من مياهي ومن خيري على دول إفريقيا والعالم”.
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
مقالات2024.04.19الفتور عن الطاعة بعد رمضان
مقالات2024.04.15استمرار القيام بعد رمضان
مقالات2024.04.07شياطين الإنس
مقالات2024.03.24وأنا مالي