مفاجأة غير متوقعة للجميع … ما يمكن للجندي فعله من دون قيادته
تفاجأ الجميع بما فيهم الدولة من عملية تبادل إطلاق النار من الشهيدين عبد الله رمضان و إسلام عبد الرزاق في الحدود مع رفح.
و جاءت صدمة العملية كما هي عملية المجند محمد صلاح لحد أنها جعلت تصريحات المسؤولين الذين هم من المفترض خبراء عسكريين فضائح و جُرس التاريخ المعاصر لأي نملة تنتمى لتراب هذا الوطن .
و جاء التصريح الأول خياليًا لأبعد حد من الحدود حتى على المستوى الأدبي من العميد سمير راغب الذي أكد أن الاستشهاد جاء نتيجة طلقتين طائشتين من بندقية أحد الجنود الإسرائيليين أثناء اشتباكه مع المقاومة الفلسطينية.
و يطرح هذا التصريح سؤالًا جوهريًا فيما يتعلق بمدى تغلغل المقاومة الفلسطينية و كذلك العدو حتى يجعل المعبر من الناحية الفلسطينية أرضًا مفتوحة لتبادل الاشتباكات و السؤال الآخر هو لم خرج بيان المتحدث العسكري مقتضبًا سريعًا محقرًا ماهية الشهادة إن كان أخذ أمرًا بالاشتباك مع العدو بحق و صدق و لو كان الأمر خطأ إسرائيلًا سنجعلهم يدفعون غرامة في انتهاك صارخ و وصولًا لقاع جديد من الانبطاح و التدني الذي لم يراع أي وازع حتى لو وطني و ليس دينيًا قط.
و الأفدح و الأكثر مرارة تصريح العميد سمير فرج الذي جعل العملية بمثابة جريمة شرف من أحد الأقارب لقريبته الذي حاول أخذ شرفها فقتلها عن عمد ،قائلًا أن الأمر إذ ما استلزم فنحن من سنعتذر عن الخطأ أو سندفع لهم “الدية “إما نقدًا أو بترميم أحد المعابد اليهودية في القاهرة .
هذا الرد يفتح بابًا من الجدل الدائر حول ماهية الرد الذي سيأتي على الاعتداء الإسرائيلي مستقبلًا و الذي من المقرر التعمية عليه و دفنه تحت التراب كما فعلوا مع حادث قتل العميد محمد مؤنس في العريش على يد ميلشيات العرجاني في أغسطس الماضي.
و لكن من المهم التطرق لما بعد الحدث و ما ورائه حتى نتمكن من معرفة المنطق و الرؤية الحقيقة لأنفسنا و من ثم نتمكن من التغيير و التغير حتى و إن غاب الأمل و التفاؤل .
في البدء كانت الممانعة :مدخل لفهم آليات الغلبة و القهر الاجتماعي.
في كتابه الهام و القيم في البدء كانت الممانعة يخبرنا الدكتور سهيل القش أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس و الجامعة اللبنانية أن الحرب اللبنانية جاءت نتيجة عوامل اجتماعية عديدة أهمها غياب الإصلاح السياسي و الاجتماعي .
فيؤكد القش أن الغلبة المسلطة على المجتمع كفيلة بتعطيل أنشطة الحياة الاجتماعية كافة أو بمعنى آخر تحويل المجتمع كافة لمسرح تمثيلي يتشارك فيه القوي ليقهر و الضعيف ليستبد به .
و في سياق متصل موسع ، يدلى المصلح و العلامة عبد الرحمن الكواكبي أن تحويل الحياة لهذا النوع من الاستبداد شديد الوطأة هو “أشد ذلًا من السؤال و اكثر حرقًا من النار”و لكن السؤال المطروح في حد ذاته الآن لم لم تتغير أطروحة الكواكبي المميزة حول القهر و الاستعباد .
و يرجع الأمر ببساطة لطبيعة الاستبداد و إجماع الفلاسفة و علماء الدين على السواء بإنه ظلم مركب ينتهى بالخراب الشامل للمجتمع و إخراج أناس فاقدة كل شيء في مقابل الحفاظ على “حياة”
و تخطى الموضوع عندنا مرحلة حياة لمرحلة الصبر و التكيف الإجباري مع ظروف تكاد تكون الخرابة و الدمار و سجن جوانتانامو أكثر إشراقًا منها.
احتلال وطني أو دولة قومية ذات سيادة!:قراءة واقعية للسياسة المصرية .
طالما كانت الأنظمة المصرية على وجه التحديد أنظمة قميعة استبدادية تهين العباد و تسمه سوء العذاب ،فخلقت عند المجتمع صفة التحايل على الواقع و العيش تحت وطأة القمع و الاستبداد فخلفت صفات كالنفاق و التملق لتسود المجتمع و تجعلها فرص للترقي الوظيفي و الاجتماعي.
تأخذ بداية العلاقة بين الضباط الأحرار أو كما هو معروف تاريخا بإنهم قائد الانقلاب العسكري الأول في تاريخ مصر في ٢٣يوليو ١٩٥٢ م
و الحقيقة أن ارتباط الانقلاب بالمخابرات الأمريكية و البريطانية واضح وضوح الشمس في النهار لعدم رغبة الإنجليز ولا الأمريكان في خسارة حليف مراد له مستقبلا أن يكون مجرد حارس بوابة لآخر استعمار على سطح الأرض .
وفقًا لما ذكره على صبري وزير خارجية مصر في عهد جمال عبد الناصر أن “الثورة”تمت مع التنسيق التام مع المخابرات الأمريكية CIA حتى تتضمن مصالحها إتمام في المنطقة ،و من شدة التنسيق و عمقه جمع الصحفي و المفكر الإسلامي محمد جمال كشك في كتاب تحت عنوان ثورة يوليو الأمريكية.
و ليس مستغربّا على المخابرات الأمريكية التي جعلت النازيين يسيطرون على مقاليد الحكم في أكثر من ٥دول في امريكا الجنوبية لأكثر من نصف قرن و جعلت جيشها مجرد وسيلة قمع و إرهاب و نهب الثروات و الموارد الطبيعية ما أثار سؤالًا يتعلق بالحالة العربية بشكل عام و المصرية بالأخص .
عقائد ثلاث …خوف و انبطاح و دماء .
يرتبط التميز بل قل شذوذ الحالة المصرية في السياسة و الاجتماع في تأليه الخوف على حساب أمور أخرى أكثر حيوية للحياة حتى الاجتماعية و
اليومية .
و إكمالًا على تمثيلات الخوف في العرف المصري، فإن التربية المصرية قائمة بالأصل على الأخلاق مثل الشرف و الأصالة و الرفعة و احترام الكبير و جميع السمات الملحوظة و النبيلة في الشعب المصري بطبيعة الحال و أخذ الخوف و الهلع بصفته يربو على الأمور العقدية في الشخصية المصرية ،المعاصرة بالأخص .
لإن ببساطة كما يقول زيجمونت باومان الخوف عندما يتحول لخوف من كل شيء و أي شيء يخضع الحياة لعبث فتتحول لسلسلة من الإحباط و الانهزام النفسي و الداخلي الدائم .
و يتجاوز ما نتملكه من خوف الحد الذي وصفه باومان لالتباسه بالتربية و العرف الاجتماعي الذي يزرع زرعًا في و يغذيه القهر الرمزي في التعليم الذي يقتل و يوأد لإبداع لمجرد أنه يرسخ البؤس و الإحباط في النفس .
و القهر الرمزي يعرفه منظره بيير بوديو بإنه القهر الذي يثبت خلال مراحل الحياة المختلفة عبر وسائل التنشئة كالتعليم و العلاج لإخراج مواطن بحسب هوى الدولة .
و بعد أن يترك المواطن المشكل في ريعان شبابه مجهلًا مفقرّا محاصرًا يطالب منه أن يتولى مسؤولية نفسه التى ما امتلك ناصيتها قط إلا في حالات استثنائية.
و بالتوازي مع ما سبق ذكره ، فإن الانبطاح يأتي كعقيدة ثنائية للدولة و الموظفين في حد سواء ،لإن الموظف عبد للشركة أو العمل غير الآدمي و كذلك الدولة عبدة للمصالح الخارجية و الدول الكبرى من أجل تحقيق أهداف السلطة المشتركة معها أو كما يشير الأستاذ الدكتور حازم قنديل بأن الانبطاح و الخنوع سيدا الموقف في مثلث السلطة .
و من هنا تأتي الدماء بصفتها وسيلة للحفاظ على المستقبل و استقرار المصالح في المنطقة و الحرص على ثبات الوضع على ما هو عليه و عدم وجود تغيير جوهري و جذري يمس الحياة .
و لا تشمل الدماء القتل المباشر و الإبادة الجسدية فقط ،بل يمكن أن تخترق حاجز الإبادة الثقافية و التاريخية لإخراج المواطن المسخ بلا ملامح و منفصل تام الانفصال عن تاريخه .
فاستمرار هدم المقابر التاريخية و المساجد تحت ذرائع واهية جزء لا يتجزأ من سياسة إحلالية استخدمها الرجل الأبيض الأمريكي لإبادة الهنود الحمر ثقافيًا .
فكما يقول أستاذ الدراسات الثقافية بجامعة جورج واشنطن ديفيد لفيدستون ، إنها تشمل تدمير المعالم المشكلة و الرئيسة للثقافة الأصلية في حالة أمريكا التي أخذت جيلين حتى محيت تمامًا أو بشكل جعل ثقافة الشعوب مختفية أو تحتاج لباحث أكاديمي رصين لرصدها .
فهدم الجبانة الخاصة بالمماليك و المقابر الخاصة بالأئمة المعروفين كالليث بن سعد و اللاتي هم عند أخذهم بمنطق استهلاكي محض مصادر سياحة إسلامية تلزمها حملات إعلامية كبيرة و ضخمة لن تكلف الدولة ربع المبلغ لترميم التراث اليهودي لمصر و المخصص ب ٧٥مليون دولار بحسب تقرير لقناة كان في مارس ٢٠٢١، إبادة ثقافية متعمدة شأنها مسخ و مسح التاريخ المعز و المضئ الذي يذكر الدنيء بأصله الذي طالما رأه بصفته تهديد و مصدر قلق دائم له .
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
- مقالات2024.05.29كلا لن تفعلها أبدًا :هيئة الرد المصري على مقتل الشهيدين عبد الله رمضان وإسلام عبد الرازق
- مقالات2024.05.20التطبيع العنيف مع التنوير ….عندما تحولت نصيحة الشيخ عبد العزيز الطريفي لحقيقة واقعة في ألمانيا وبولندا
- مقالات2024.05.19تنوير التقويض .. جذور فكرة المخطط لتغير المفاهيم الشرعية والقيمية عبر مركز تكوين الفكر العربي
- مقالات2024.05.16مركز تكوين للملحدين… إثارة الجدل لتكوين عقائد جديدة وحداثية(١)