الثقافة بين الغلبة و الأصالة - نبض الجمهور الان مقالات الثقافة بين الغلبة و الأصالة نبض الجمهور الان

.
أثار الفيلم المعروض في يناير الماضي “أصحاب ولا أعز “الجدل حول العلاقات الجنسية ،الغريب في الأمر هو قبول البعض لأفكار الفيلم الساقطة ،و هو ما يطرح تساؤلات حول معنى الثقافة،و اعتناق تلك الأفكار، و الأهم من ذلك هو تتبع خطوات كيفية الإيمان بهذا السقط الأخلاقي.

في ورقته المعنونة بعالمية عدم الانتماء ،يخبرنا” تود ماجوين ” أستاذ الأدب الانجليزي أن اعتناق أي فكرة يبدأ من “٣”خطوات :
١الصدمة الكبيرة بإدخال الفكرة للمجتمع ،

٢التكرار لتلك الأفكار و جعلها مركزية أو على الأقل مقبولة بحيث يقل أو ينعدم رد الفعل القوي تجاها،
٣_قابلية تكوبن مريدين لتلك الأفكار سواء لجهلهم أو تمردهم.

إذ أردنا مثال قوي على أفكار ماجدوين ،فلنا في قصة العري قصة جيدة ،و خصبة لخطوات ماجدوين ،فبدأت القصة في عام ١٩٣٩ عندما أراد المصمم” جاك هيم” صاحب تصميم المايوه الأول أن يروج لسقطه الأخلاقي إعلاميًا ،فاستعن بالممثلة الفرنسية “إليزابيث بانتدجن “،فوجدته الفنانة منحلًا أخلاقيًا ،فما وجدها رفضت إلا أن اتجه هذا الساقط ببائعة هوى للترويج ،مع العلم أن الدعارة كانت مستهجنة في أوربا حتى ظهرت “سيمون دي بوفوار “،فوفقًا لويسي بيري،كان الجنس في الغرب محدودًا على العلاقة بين المرء ،و زوجه فقط،هكذا كان الأمر قبل الحرب العالمية الثانية، و لكن قد تسأل ما سبب انتشار أفكار “دي بوفوار”كالنار في الهشيم ،و لا يمكن الفكاك منها؟!

تنتهج الأبحاث ،و الدراسات التي تنتاول “دي بوفوار “ما بين داعم،و ناقد،و مفّند ،و تغفل معظم الدراسات أيضًا تعريف “دي بوفوار “للإنسان ،و الأنثى تحديدًا ، فالأنثى ،حسب “دي بوفوار “هي حرة ،و مستقلة ،ولا تتمتع بأي خصلة تربطها بالمرأة الشرقية ،و هنا يذكرنا الأستاذ مالك بن نبي ،رحمه الله،بأن “مركب النقص يلعب دورًا محوريًا “في الانسلاخ من الأصل، و الاتجاه للغالب ، و يضيف عبد الرزاق السنهوري أن الغلبة ،و الانكسار،و التعلق المرضي هي عوامل رئيسية لاعتناق الأفكار ،و تدجين الإنسان.
فويل من إنسان بُرمج ليكون دابة ،أو صدق عقله ،العري هو قصة قصيرة، و لكنها تعبير صادق عن عالم منسلخ عن الفطرة،فأنت في هذا العالم تساوي قطعة خردة،أو إذ كنت شابًا فأنت تِرس نشط لم يُستهلك ،فباومان يدرجنا في خانة المذنب و المجني عليه معنا،فيؤكد على أن المجتمع الذي ينطلق منه الفرد برؤية تلازمه هو فقط هو مجتمع مفكك،فالثقافة هنا هي محرك ثانوي ،فيجب علينا نقل الثقافة من سيطرة الغلبة ،لعودة الأصيلة.