بقلم / يوسف الطوخي، مصطفى نصار
لعل الدهشة تأخذك حينما تقرأ العنوان الفرعي الأول لسببين أولهما هو غرابة الموضوع وعدم التطرق إليه إلا في أضيق الحدود التي لا تتخطى حدود الأكاديميا المغلقة في التاريخ وعلم الاجتماع التاريخي الشارح للحركات الإسلامية كالاخوان والمداخلة والنازية الإسلامية.
فأما الذي يميز النازية الإسلامية وصولها لأقصى أشكال التطرف اليميني الحداثي وإنما في زي الإسلام لإن هتلر قد أراد توظيف الإسلام لطاعته العمياء وذلك لتنفيذ مصالح الخاصة وأهدافه بعيدًا عن أهداف الألمان بشتى مللهم وطوائفهم.
وبالفعل، وظف هتلر مجموعة من المشايخ والدعاة هدفها تأجيج مشاعر المسلمين وأفعالم ومشاعرهم حتى ولو كان ذلك بمقابل امتيازات صغيرة وضئيلة كزيادة الراتب أو تثبيت المشاعات والمعاش المبكر مقابل دعم وتأييد المسلمين في الحرب العالمية الثانية لفشل الحزب النازي في جمعهم تحت راية الفاهور في الحرب العالمية الأولى.
ولكل من صدق هتلر وبياعه لخوض الحرب كان له حياة اللاحياة بعد قتل الأئمة الخاص بهم وهدم مساجدهم فوق رؤوسهم، وحتى من وافق إكراهًا واتقاءًا لشر المجنون ذي الشارب الصغير لم يسلم من الهوى النازي الأخرق.
فوفقًا لديفيد معتدل أستاذ الفكر الإسلامي في برلين الحرة فقد فشلت حركات المقاومة ضد هتلر بسبب هؤلاء المشايخ الذين ما انفك أن اختلف معهم أحد أو ظهر عليه النباهة والذكاء إلا قُتل أو حرق مع هؤلاء في الهولوكوست.
فضل هتلر الانحياز لرأيهم لما يمثلونه من تبرير وتفصيل الإسلام لتمرير قرارت وادعاءات الدولة وقت السلم والحرب معًا بمعنى آخر نقل الإسلام من منهج متكامل مناهض للنازية لأداة طيعة في يد النازية تفعل بها ما تريد لتحقيق أهداف الاستعمار والتوسعات الهتلرية في أوروبا.
وتخطى الإدعاءات الحدود حينما اعتبر هؤلاء المشايخ أن الجهاد (الحرب)في سبيل الفاهور هي بالتبعية حرب في سبيل الله لإن هتلر ولي أمرهم .
فبذلك يتطابق الحكم الخاص بالجهاد بنظيره في الحرب ليحصلوا على الامتيازات المكملة لحياتهم تحت ظل الرايخ الثالث الحكيم باعتباره دولة الرجل الذي لا يخطأ.
وهو ما استغربه فلاسفة الحداثة وما بعدها إذ كيف يكونوا علماء المسلمين بتلك النفعية وهو ما يجيب عنه بصورة ما غير واضحة د.أسامة الأعظمي حيث يؤكد إمكانية حدوث مزيج بين الحداثة والإسلام وهو ما عمل وائل حلاق على تفكيكه والرد عليه معتبرًا أن الامتزاج مستحيل بغير تصفية الإسلام من بعد الأخلاقي وهذا عين الحديث عن الأشكال الهجينة من مخلفات الاستعمار كالنسوية والنازية الإسلامية .
الجامية المداخلية…تاريخ حركة إسلامية نازية.
اشتقت كلمة المداخلة من اسم الشيخ الدكتور ربيع بين هادي المداخلي أستاذ الشريعة المتفرغ في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وصاحب كرسي في المسجد النبوي الشريف وهو حامل لدرجتي الماجستير والدكتوراة في الشريعة الإسلامية وهو على مشارف الموت للقاء ربه .
وأما لفظ الجامية فقد جاء من الشيخ الدكتور محمد بن أمان الجامي أستاذ الشريعة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ومعلم ربيع المداخلي والمولود عام 1931 وله قصة فريدة وعجيبة أيضًا، حيث ولد في الصومال وكان يحلم بالسفر للسعودية للعمل والاستقرار فقام بذلك عام 1949بطريقة غير نظامية وهو في سن الثامن عشر.
و قد نبغ في الشريعة والعلوم الشريعة فتخرج من جامعة أم القرى بتقدير امتياز وسافر على إثر ذلك لباكستان لتحضير رسالة الماجستير في عام 1969 وتميز في دروسه لا لعلمه بل لإبلاغه عن المخالفين والمناقشين له بحجة الخطر على الأمن القومي للدولة.
ونتيجة لما سبق استعانت به السعودية في تمرير القوانين والقرارت المخالفة للشريعة مقابل كرسي أستاذية في الجامعة الإسلامية وعمود في المسجد النبوي وأغدقت عليه الأموال ليتحول لوباء منتشر في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي ويتميز بعدة ملامح :
١إنتاج الإسلام منزوع الدسم ٢تأويل الأحكام الشرعية الخاصة بالظلم والجور لتوافق هوى الملك أو الرئيس ومن أبرز من قام بذلك هو المدخلي نفسه حينما ألف كتابه لتبرير الاستعانة بالأمريكان للدخول للسعودية وبناء القواعد العسكرية فيها في 1990.
٣-شق الصف بين المسلمين من السنة على وجه التحديد عن طريق إبلاغ الأمن عنه أو التحول لمخبرين مأجورين بيد الدولة.
٤الإذعان لطاعة ولى الأمر باعتبارها طاعة لله بل في بعض الأحيان اعتبار الولي خالق. ٥إيجاز التعامل مع من يسب النبي والشريعة والدول الكافرة بالقاعدة الفقهية لا يمنع فاسد إلا بتقي إيمانه، و ذلك بالتعامل مع الدنمارك عام 2005 و فرنسا في عام 2020 وحينما يشككون في جدوى المقاطعة من الشركات الداعمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
٦-تيسير الفواحش والموبقات لولي الأمر باعتباره إنسانًا مولى من الله يسمح له بالزنى والسكر والتعري على الفضائيات.
٧_تدشين التقارب مع الاحتلال الإسرائيلي بدعوى أن الإسلام ليس له حكمه المحدد في ذلك أو هذا شأن الحاكم وما لنا يد في ذلك.
حتى أن الصحفي والمصرفي الصهيوني “زالخاه خان”أبدى تعجبه للغاية بالمداخلة في مقال له تحت عنوان “هل المداخلة صديقة لدولة إسرائيل؟” يعدد فيه المزايا للمداخلة ويعتبرها إسلامًا جيدًا وخصمًا سديدًا لمواجهة الإسلام السياسي، فهي بذلك قد تفوقت على النازية الإسلامية في عجرفتها وغطرستها الدائمة في الجهر الدائم بما تفعله دون حسيب أو رقيب.
إذ أن التدين والدين الذي تريده أي دولة يخلو من الاستقلال والحرية اللازمة فيما يختاره الفرد أن يفعله فتريده دينًا فردانيًا بعيدًا عن المصائر ويركز على الشعائر لا الشرائع و يؤكد” محمد قطب” أن وقتما نحكم الدين تحل أزمتنا فأزمتنا مع الاستبداد السياسي هي انحسار الدين في ركن الفرد لخوف وجبن الفرد من التغيير و عدم وجود رؤية بديلة حقيقية تغني عما تعود عليه.
ما فائدة الدين للمجتمعات؟
في تجربة العالم الشهير فيليب زبمبادو المعروف باسم سجن ستنافورد أحضر العالم النفسي وأستاذ علم النفس السريري والاجتماعي 19 فرد وأجرى لهم اختبارات للتحقق من صحتهم النفسية وبدأوا التجربة في البداية لم يشعروا بشيء فقاموا بتقمص الأدوار حتى وصل الأمر لنسيان التجربة من الأصل بعد تعذيب واغتصاب الطلاب التي قامت بدور المسجونين وللعلم استغرقت التجربة أسبوعًا فقط حتى نبهت كريستنيا ماشلاتش البروفسور زمباردو .
وخرج بعدها بكتابه ذائع الصيت، تأثير الشيطان ليفرق بين نزعتي من الشر وهما النزعة الظرفية والداخلية.
وأكد بعدها أن الخيط بين الشر و الخير هو خيط غير واضح بالضرورة لعدم وجود معيار واضح وصريح بينهما.
ولعل هذا ما جعل الفيلسوف الألماني فريديك نيتشه يبني أطروحة موت الإله على عدم رؤية الإنسان للمعيار الفارق وهو الدين الفارق الذي يسلم الفرد به ليظل إنسانُا كما رأى الرفاعي.
أما رؤية بيجوفيتش للدين في المجتمع فهي تنطلق من أن الدين منهج ينظم حياة الأفراد ومناهجهم اليومية ليس فقط في مكان العبادة ويكفى وفقًا لاسماعيل الفاروقي صفاء الرؤية التوحيدية الخالصة التي تنجز وتنحر من أزمات الإنسان الحديث الذي يعد الاغتراب ملزمًا له تلازم الأم لابنها الرضيع.
فالدين وتحديدًا الإسلام يختلف الباته عن الأديان الأخرى فقط ليس لكونه ظاهرة تدرس ويكتب عنها، بل لإعجازه في معرفة الإنسان بكامل تعقده وتذبذبه وتركيبه بشمول وأغلبية تجعله معجزًا في فهم الاستكبار ونسف المداخلة والنازية باعتبارها حركات لا تقبل النقاش الطويل في أسسها لاعتراضها أصل إنساني قبل أن يكون اجتماعيًا ألا وهو الاختلاف والخطأ.
حكم الاعتداء على الإسلام من الداخل.
للإسلام أعداء كثيرة في شتى بقاع الأرض منذ نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم. وينقسم أعداء الإسلام إلى قمسين: المنافقين والكافرين. المنافقون هم قوم اعتنقوا الإسلام لا لاتباع الهداية والحق وإنما لمحاولة هدم الدين الإسلامي أو تغيير أحكامه بما يتفق مع أهوائهم، والكافرون هم أصحاب الأديان الأخرى التي تحاول أيضًا هدم الدين الإسلامي، ولهذا الدين الحنيف مصدران تشريعيان لا ثالث لهما هما القرأن والسنة؛ لذالك يحاول أعداء الإسلام تشكيك المسلمين فيهما، ولكن الله تعهد بحفظ هذا الدين إلى أن يرث الأرض ومن عليها مصداقًا لقوله تعالى في سورة الحجر “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ”. فالذكر – طبقًا لتفسير الطبري – في هذه الآية هو القرأن الكريم، وأما السنة النبوية المشرفة فهي كل قول أو فعل قام به النبي صلى الله عليه وسلم بها وأمر الأمة بفعله، وقد حثنا القرأن الكريم بإطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في كل أقواله وأفعاله فقال تعالى في سورة النساء “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ” وقال أيضًا في السورة ذاتها “مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ”. وقد روى أنس ابن مالك في كتابه “الموطأ” أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “تركتُ فيكم أَمْرَيْنِ لن تَضِلُّوا ما تَمَسَّكْتُمْ بهما : كتابَ اللهِ وسُنَّةَ نبيِّهِ”.
كما يجب التوضيح أن أحكام الدين الإسلامي وحدوده وشرائعه واضحة وصريحة ولا يوجد بها أية ملابسات فقد قال تعالى في سورة الفتح “وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا” وقال أيضًا في سورة فاطر “فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا”، وكلمة “سنة” في هذين الآيتين – طبقًا لتفسير الطبري – تعني “الأحكام والشرائع” أي لا يوجد تغيير في شريعة الله وفي دينه. لذالك، فإن هتلر ومعاونيه من المنافقين الذين حاولوا تطويع الإسلام لخدمة النازية أثناء الحرب العالمية الثانية كذابون أفاكون والأدلة كثيرة من القرأن والسنة أولها، أن ألمانيا كانت تحارب ضد الخلافة الإسلامية العثمانية في تلك الحرب وقد قال تعالى في سورة النساء “وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا”، وفيما رواه ابن ماجه وحسَّن الحديث الألباني عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنه قال: “رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول “ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك”، كما روى الإمام مسلم عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة”، وروى الإمام مسلم أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله”، وثاني هذه الأدلة هي أن الحرب العالمية الثانية قامت على استعمار الدول والشعوب وليس دفاعًا عن النفس والدين والأرض، وهذا ما نهى الإسلام عنه نهيًا قطعيًا.
فالحرب في الإسلام تقوم دفاعًا عن النفس والأرض والدين، بل إن الإسلام حرَّم قتل النفس تحريمًا قطعيًا إلا بالحق فقال تعالى في سورة الإسراء “وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ”، والقرأن هنا يتحدث عن النفس بشرية بشكل عام سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة. كما نهت السنة النبوية المشرفة عن ذلك أيضًا، ففيما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “اجتنبوا السبع الموبقات قيل يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات”. ليس ذلك فحسب، بل إن الإمام البخاري روى عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر فقال “الشرك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين”.
المداخلة على نهج النازية الإسلامية.
ومن كل ما سبق يتضح أن هتلر ومعاونيه أو ما يسيرون على دروبهم في العصر الحديث مثل ربيع ابن هادي أستاذ الشريعة المتفرغ بجامعة المدينة المنورة، والدكتور محمد ابن أمان الجامي أستاذ الشريعة بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والدكتور معلم ربيع المداخلي الحاصل على كرسي الأستاذية بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة والحاصل على عمود في المسجد النبوي الشريف كذابون أفاكون، فأما عن محاولة المدخلي تطويع الأحكام الشرعية لخدمة المصالح السياسية كالإستعانة بالأمريكان لإنشاء قواعد عسكرية على الأراضي السعودية عام 1990 أو إيجاز التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي أو إيجاز التعامل مع من يسب النبي والشريعة، فقد نهى الإسلام عن ذلك نهيًا قطعيًا فلا يجوز أبدًا طلب المسلمين الحماية من أعدائهم بل من ألد أعدائهم ومن يقتل إخوانهم في كل مكان في الأرض. كما لا يجوز أيضًا التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي أو التعامل معه أبدًا، والدليل على ذلك قول الله تعالى في سورة النساء “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا”. قال أبو جعفر في تفسير الطبري لهذه الآية “إن الله يحذر المؤمنين أن يتخذوا الكفار حلفاء ويطلبون منهم العون والمساعدة؛ فيكونوا مثل المنافقين ويحق عليهم السلطان المبين أي العذاب المهين”. وسنستعين بالآية ذاتها في إيجاز التعامل مع من يسب النبي والشريعة إضافة إلى قوله تعالى في سورة الأحزاب “إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا”. قال الطبري في تفسير هذه الآية “إن معنى الأذى هنا هو ارتكاب المعاصي والفواحش والمداومة عليها”، كما أن هذه الآية جاءت بعد حث المؤمنين بمداومة الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم. إذن، إن كان ارتكاب الفواحش التي يمكن أن تغفر بالتوبة النصوح يؤذي الله ورسوله، فما بالنا بمن يجيز التعامل مع الكافرين الذين يسبون الله ورسوله.
كما أن إيجاز التعامل مع الذين يسبون النبي يعني عدم حب النبي، وقد روى الإمام مسلم وحسَّن الحديث الألباني عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولدِهِ ، ووالدِهِ ، والناسِ أجمعينَ”. أما اليهود، فقد أنزل الله آية تحذرنا من التعامل معهم تحديدًا فقال تعالى في سورة المائدة “تَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ”.
وأخيرًا، الإذعان لطاعة ولي الأمر باعبارها طاعة لله، وإيجاز الفواحش لولي الأمر مثل الزنى وشرب الخمر والتعري باعتباره إنسانًا مولى من الله. أما عن طاعة ولي الأمر، بالفعل أمرنا الله بطاعة ولي الأمر مصداقًا لقوله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ”، ولكن إذا حكموا بما أنزل الله ورسوله. والدليل على ذلك أن الله وصف الذين لا يحكمون بما أنزل الله ورسوله في آيتين متتاليتين في سورة المائدة بالكافرين تارة والظالمين تارة أخرى فقال تعالى “وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ” “وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”، وكانت أول كلمة نطق بها أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما تولى الخلافة “أطيعوني ما أطعت الله ورسوله”.
وأما عن إيجاز الفواحش لولي الأمر مثل الزنى والتعري وشرب الخمر، فقد نهى الله المؤمنين جميعًا عن ارتكاب هذه الفواحش ولم يستثنِ منهم أحدًا، فقال تعالى عن الزنى في سورة الإسراء “وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا”، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية “إن الله تعالى أمر المؤمنين باجتناب أي شيء يؤدي إلى الزنى” مثل النظرة المحرمة أو مشاهدة الأفلام الإباحية”، كما نهى الله المؤمنين والمؤمنات كافة عن النظرة المحرمة ومشاهدة الأفلام الإباحية في سورة النور “قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ”. وسنستعين بالآية ذاتها في تحريم الله تعالى للتعري وإلزام المؤمنات بالحجاب “قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”. وقد روى الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “يرحم الله نساء المهاجرات الأول ، لما أنزل الله : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) شققن مروطهن فاختمرن به. وفيما رواه أبو داوود عن صفية بنت شيبة قالت “بينما نحن عند عائشة ، قالت : فذكرنا نساء قريش وفضلهن . فقالت عائشة ، رضي الله عنها : إن لنساء قريش لفضلا وإني – والله – وما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقا بكتاب الله ، ولا إيمانا بالتنزيل . لقد أنزلت سورة النور : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) ، انقلب إليهن رجالهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها ، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته، وعلى كل ذي قرابة فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل فاعتجرت به، تصديقًا وإيمانًا بما أنزل الله من كتابه، فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح معتجرات ، كأن على رءوسهن الغربان”. بل إن أن النبي أكد أن المرأة التي لا ترتدي الحجاب والثياب الفضفاضة ستكون من أهل النار، فقد روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها”. وقال أيضًا في سورة الأحزاب “يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا” “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا”.
وقال عن شرب الخمر في سورة المائدة “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”. وقال الطبري في تفسير هذه الآية “رجس تعني إثم، وعمل الشيطان أي أن الشيطان شريك لأي شخص يرتكب هذه المعاصي وأنه يحاول أن يزينها لهم؛ لأن هذه المعاصي ترضيه وتغضب الله ورسوله”.
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
- مقالات2024.05.29كلا لن تفعلها أبدًا :هيئة الرد المصري على مقتل الشهيدين عبد الله رمضان وإسلام عبد الرازق
- مقالات2024.05.20التطبيع العنيف مع التنوير ….عندما تحولت نصيحة الشيخ عبد العزيز الطريفي لحقيقة واقعة في ألمانيا وبولندا
- مقالات2024.05.19تنوير التقويض .. جذور فكرة المخطط لتغير المفاهيم الشرعية والقيمية عبر مركز تكوين الفكر العربي
- مقالات2024.05.16مركز تكوين للملحدين… إثارة الجدل لتكوين عقائد جديدة وحداثية(١)