لا يدري المرء إلى أين يولي وجهه ولأي بلد يناجي ربه ولأي شخص يدعوا له؛ نحن أمة الاثنين مليار مسلم نحن أمة خير خلق الله نحن من أعزنا الإسلام وخضنا الفتوحات والمعارك وأخضعنا سائر السفهاء شاهدت رمال الصحراء صهيل فرسان مجاهدينا نحن أمة خير أجناد الأرض.
أما اليوم أمتنا تستصرخ تستغيث جروح أمتنا مكلومة ومدماه وكأنها أثير جسده أصبح مخطط بالدماء والسوط في يد جلاده، أصبحنا لا نعلم أي دولة أحق بالدعاء والإهتمام فالسودان تغتصب العراق تنتهك كل يوم ولبنان تعاني وسوريا تنزع من شعبها أرواحهم وفلسطين “غزة ” وهيهات هيهات من غزة رمز للعزة أرض شجر الزيتون فهي منذ الأمد صامدة رغم غليان رماد شهدائها تلك التي قدمت فلذات أكبادها لتُروى بدمائهم الأرض ويسطرو بطولات لن تُمحى وغيرهم من بلاد المسلمين.
ولكن ليس العجب هنا العجب الحقيقي هو ماذا فاعلين نحن أبناء تلك الأمة الإسلامية؟!!
ولاة الأمر لن يحركوا قصبة فتلك هي السياسة لا يحق لك أن تخترق القواعد والقوانين ولكن ماذا عنك أنت وأنا ونحن ماذا قدمنا.
الحقيقة إذا عدنا إلى ما يجب أن نعود إليه دومًا ستعلم أن تلك الأحداث ليست بغريبة فرب العزة يصورها لنا وكأنها مشاهد إعجازية في آيات القرآن ففيها قصص ما كانوا قبلنا وجزائهم بعدما أحدثوا في الأرض الفساد والخراب وفيها قصص نبينا وحروب الصحابة وموقفهم وهنا دعني أخبرك بشئ أعمق مما تظن كل حدث يحدث في غزة تصوره أحداث غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه مشهد تمثيليًا أمام عينيك فعندما تعود إلى السيرة ستقف مدهوسًا حقًا مما تقرأ ثم ترى ما يحدث ليحدث إلى قلبك رجفة قوية مسحوبة بفخر وأسى وعندما تختم المشاهد تجد مشهد واحد يتكرر أمامك وهو نبينا المجاهد الشهيد وهو يقول”وَاللهِ لَيُتِمَّنَّ اللهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ” رواه البخاري.
لتجد النتيجة فتوحات عظيمة وانتصارات مذهلة ورجال أبطال وشهداء شرفاء وفوق كل ذلك الإسلام نعم نحن أعزنا الله بالإسلام وهنا الجرح الأعمق فذلك الدين أتى على أشلاء الصحابة في أحد وشهداء خير الصحابة وأذاء النبي جاء بالتضحيات والجهاد ورجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
وماذا فعلنا نحن بهذا الدين ؟؟
يُروى أن أبنة هولاكو زعيم التتار بعدما دخلوا إلى بغداد كانت تطوف بالسوق فرأت حشدًا من الناس حول رجل وعلمت أنه عالم من علماء المسلمين وعندما أحضرته سألته عدة أسئلة استنكاريه تلك الأسئلة التي تطوف أحيانًا في أذهان المبتعدين عن الدين وهم
“ألستم المؤمنين بالله؟
ألا تزعمون أنّ الله يؤيّد بنصره مَنْ يشاء؟
ألم ينصرْنا الله عليكم؟
وكان رد العالم”بلا”
فقالت أفلا يعني ذلك أننا أحبّ إلى الله منكم؟
قال: لا.
وأجابها العالم ألا تعرفين راعي الغنم؟
ألا يكون مع قطيعه بعضُ الكلاب؟
قالت ” بلى “
سألها ما يفعل الراعي إذا شردت بعضُ أغنامه، وخرجت عن سلطانه؟
قالت: يُرسلُ عليها كلابَه لتعيدَها إلى سلطانه.
قال: كم تستمر في مطاردة الخراف؟
قالت: ما دامت شاردة.
قال: فأنتم أيّها التتار كلابُ الله في أرضه, وطالما بقينا شاردين عن منهج الله وطاعته, فستبقون ورائنا حتى نعود إلى الله جل وعلا.
عليك أن تعي ذلك جيدًا ابحث عن نفسك من دينك أين أنت هل لازلت شاردًا بعد كل ما يحدث من حولك؟
﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴿١٦﴾ ﴾ [الحديد آية:١٦].
دعونا نسموا بأنفسنا ونعي جيدًا بماذا علينا أن ننشغل ونترك التفاهات والعباثيات الدنيوية فلقد رأينا جيدًا أن كل شيئ لا قيمة له رأينا فيهم ما يجب أن نكون عليه الأن لقد زاحمتنا ملاذات الحياة وأعمت قلوبنا وأبتعدنا عن الصراط المستقيم هلا عودنا!
وتذكر أن النصر أتٍ أت ولكن هل سيكون لك دور في ذلك النصر أما إنك كما أنت فهنا الكارثة لا قيمة لنا دون نصرة الإسلام والمسلمين ليكن لك ثغر تقف عليه وتجاهد فيه كن ذا أثر لعل بذلك تختم أعمالك وتُنثر رمال قبرك عليك وما أجمله من مشهد ختامي.
ولا تنسى أنه سينتج مستقبل مليئ بالدماء والثأر فأمتُنا أمتنا ثائرة تأبى أن تترك ثأرها ولن ننسى سنورث ذلك الثأر لأطفالنا وأحفادنا لنكون جيشًا من الرجال وعتاده الدين والجهاد.