أتعلمون أننا من أهم الحاجيات في الطُرق ونحن من ننير كل شيء؟ وأقصد هُنا بكل شيء هو المُعلن والخفي، الباطن والظاهر، لا بأس لسخريتكم من لهجتي الفخورة بذاتي، فأنا من يعلم نواياكم جميعًا.أرى الناس يسيرون في طريقي لا يعلمون جهتهم أحيانًا، وأحيانٍ أُخرى يعلمون ما يفعلون، أرى ذلك الفقير الذي يتسلل تحت ضوئي يبحث عن لقمة العيش، وذلك الحزين الذي يجوب طريقي ذهابًا وإيابًا سارحًا في همومه وقلة حيلته، وذلك المجرم الدنيء الذي يفعل شنيعته بجواري يظن أن لا أحد يراه ولكنه أغفل وجود الله الذي جعلني سبب لرؤيته.
ولكن لكل موقف سبب وجواب أيضًا:فالفقير لم يجد قوت يومه وأتى لطريقي حتى أُنير له جانبيّ ليرى من خيرات الله ما رزقه، والحزين فبالتأكيد تركه الأحباب أو فقد عمله أو واجه صعوبات في منزله وعندما يأتي إليَّ ويستند على كتفي ويبكي أشعر وكأنني أريد أن يكون لي ذراعان أطوق بها كتفيه وأجعله يشعر بالأمان، أما ذلك المجرم الذي يفعل شنيعته في وضوح ضوئي وأراه بشكل متكرر يجعلني دائمًا أتمنى أن يصيبني الله ببعض الماء فأحرقه حرقًا لما يفعله.
ها نحن إذًا.. ساكنين ليس لنا حق الصوت والحركة أو التحدّث للجميع، ليس لنا مأكل وملبس ورأي نحتمي به ولا علاقات نستأنس بها مثلكم أيها البشر، كل ما نملكه هو بعضٌ من الإنارة، نُنير بها طريقكم الغير معلوم.
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
- خواطر2023.02.11تضحك رغم آلامها
- خواطر2023.02.07حضارة قديمة
- خواطر2023.02.07ديسمبر الظالمة
- خواطر2023.02.05حلم لم يعد