صاحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأحد السابقين الأولين وهو المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة القضاعي الكندي البهراني.
المعروف بالمقداد بْن الأسود.
وهذا الأسود الَّذِي ينسب إليه هُوَ الأسود بْن عبد يغوث الزُّهْرِيّ.
وَإِنما نسب إليه لأن المقداد حالفه فتبناه الأسود فنُسب إليه، ويقال لَهُ أيضًا: المقداد الكندي، وَإِنما قيل لَهُ ذَلِكَ لأنه أصاب دمًا فِي بهراء، فهرب منهم إِلَى كنده فحالفهم، ثُمَّ أصاب فيهم دمًا فهرب إِلَى مكة فحالف الأسود بْن عبد يغوث.
شهد بدرًا والمشاهد، وثبت أنه كان يوم بدر فارسًا، واختلف يومئذ في الزبير، عن ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سَارَ إِلَى بَدْرٍ الْخَبَرُ عن قُرَيْشٍ بِمَسِيرِهِمْ لِيَمْنَعُوا غيرَهُمْ، فَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَحْسَنَ، وَقَالَ عُمَرُ فَأَحْسَنَ، ثُمَّ قَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، امْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ فَنَحْنُ مَعَكَ، وَاللَّهِ لا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ}، وَلَكِنِ: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا لَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَى بِرَكِ الْغِمَادِ لَجَالَدْنَا مَعَكَ مَنْ دُونَهُ، حَتَّى تَبْلُغَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا، وَدَعَا لَهُ.
قِيلَ: لَمْ يَكُنْ بِبَدْرٍ صَاحِبَ فَرَسٍ غَيْرُ الْمِقْدَادِ، وَقِيلَ غَيْرَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَكَانَ المقداد من أول من أظهر الإسلام بمكة، قَالَ ابن مسعود: أول من أظهر الإسلام بمكة سبعة منهم: المقداد.
وشهد أُحدًا أيضًا، والمشاهد كلها مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومناقبه كثيرة، حدثنا شَرِيكٌ، عن أَبِي رَبِيعَةَ، عن ابْنِ بُرَيْدَةَ، عن أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنِي بِحُبِّ أَرْبَعَةٍ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ”، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سِمِّهِمْ لَنَا، قَالَ: “عَلِيٌّ مِنْهُمْ، يَقُولُ ذَلِكَ ثَلاثًا، وَأَبُو ذَرٍّ، وَالْمِقْدَادُ، وَسَلْمَانُ” وروي عَليّ بْن أَبِي طالب، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: “لَمْ يكن نبي إلا أعطى سبعة نجباء وزراء ورفقاء، وَإِني أعطيت أربعة عشر: حَمْزَة، وجعفر، وَأَبُو بكر، وعمر، وَعَليّ، والحسن، والحسين، وابن مسعود، وسلمان، وعمار، وحذيفة، وَأَبُو ذر، والمقداد، وبلال”.
وشهد المقداد فتح مصر، روى عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وروى عَنْهُ من الصحابة: عَليّ، وابن عباس، والمستورد بْن شداد، وطارق بْن شهاب، وغيرهم.
ومن التابعين: عبد الرحمن بْن أَبِي ليلى، وميمون بْن أَبِي شبيب، وعبيد اللَّه بْن عدي بْن الخيار، وجبير بْن نفير، وغيرهم.
حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا ابن عون، عن عمير بن إسحاق، عن المقداد بن الأسود قال: استعملني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على عمل، فلما رجعت، قال: كيف وجدت الإمارة؟ قلت: يا رسول الله، ما ظننت إلا أن الناس كلهم خول لي، والله لا ألي على عمل ما دمت حيًا.
وقال عمرو بْن أَبِي المقدام ثابت بْن هرمز، عَن أبيه، عَن أَبِي فائد، إن المقداد بْن الأسود شرب دهن الخروع فمات، وقيل: كان آدم طوالًا، ذا بطن، أشعر الرأس، أعين، مقرون الحاجبين، مهيبًا، عاش نحوًا من سبعين سنة، مات في سنة ثلاث وثلاثين، وصلى عليه عثمان بن عفان، وقبره بالبقيع – رضي الله عنه، حديثه في الستة، له حديث في “الصحيحين”، وانفرد له مسلم بأربعة أحاديث.
المراجع:
أسد الغابة في معرفة الصحابة.
شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج1.
تهذيب الكمال للمزي.
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
- التاريخ2023.04.02أول مسجد بُنيّ في الإسلام بالمدينة
- التاريخ2023.03.25أول من أظهر الإسلام بمكة
- التاريخ2023.03.25مولاة وحاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
- التاريخ2023.03.25اضطجع النبي في قبرها، وأثنى عليها خيرًا