من عجائب تشابه الشرائع السماوية أنها تتحد معًا في بعض القواعد التي تنظم أحوال العباد فكانت الوصايا العشر التي نادى بها أنبياء الرسالات هي التي تجمع كل الكتب السماوية في إطار أخلاقي واحد.
فما هي تلك الوصايا وكيف كان التشابه بينها؟
ففي البداية نجد أن في التراث اليهودي المسيحي تقدم الوصايا العشر التشريعات التي تسلمها موسى على جبل سيناء بعد أن هرب باليهود من مصر حيث تلقفها موسى منقوشة على لوحي الشريعة في جبل حوريب؛ وتعتبر تلك الوصايا إلزامية ولا يمكن لأحد أن يُعفى من الالتزام بها»، وفي العهد الجديد حين سُئل المسيح: (أي عمل صالح أعمل لأرث الحياة الأبدية؟)، أجاب (احفظ الوصايا)، واعتبرت تلك الوصايا هي الأساس الأخلاقي لدى العقيدة اليهودية والمسيحية حيث يرجعون إليها لكي يتعلموا منها كيفية التصرف في حياتهم الأخلاقية.
أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ.
لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي.
لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ.
لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ.
لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلًا.
اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ.
أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَي تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.
لاَ تَقْتُلْ.
لاَ تَزْنِ.
لاَ تَسْرِقْ.
لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ.
لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ.
ثم كانت وصيَّةً الله -عزَّ وجل- للمؤمنين في القرآن الكريم تشتمل على عناصر الدِّين الكبرى عند الله -سبحانه وتعالى- ونُقِلَ عن ابن عباس -رضيَّ الله عنه- أنَّه قال عن هذه الآيات الثَّلاث التي تشتمل الوصايا العشر إنَّهنَّ محكماتٌ وهنَّ أمُّ الكِتاب، وذكر ابن مسعود -رضيَّ الله عنه- أن من أراد أن ينظر إلى وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي عليها خاتمة فليقرأ الآيات الثلاثة.
حيث يقول الله تعالى في سورة الأنعام المكية:
(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153))
إذن لو تأملنا في كلتا الوصيتين نجد أنهما ارتكزتا على توحيد الله عز وجل وعلى الأمر بما يعمر الكون ونهتا عن كل ما يخربه وأنها جميعًا تدعو لأحسن الأخلاق وتضع القوانين اللازمة للحياة بسلام على الأرض، فما أعظمها من وصايا التي لو التزمنا بها نحيا جميعًا في سلام وسعادة.
عن الكاتب
موضوعات الكاتب
- مقالات2023.08.16فيلسوف العرب عبد الوهاب المسيري
- أخبار مصر والعالم2023.08.05حريق هائل يلتهم مبنى وزارة الاوقاف الأثري بالقاهرة
- مقالات2023.08.05كوارث صحية ومجاعة تهدد السودان
- مقالات2023.07.20سر السعادة