كانت مقبرة توت عنخ آمون هي المقبرة الوحيدة التي تم الكشف عنها سليمة بكل محتوياتها وعُثر بداخلها على 5398 قطعة أثرية من ملابس ومجوهرات وأسلحة وأثاث وعجلات حربية وأدوات استخدمها الملك في حياته وقناع ذهبي رائع وكرسي للعرش وكل قطعة أثرية تعطينا تفاصيل عن قصة الحب والغرام بين الملك الصغير وبين رفيقة حياته وزوجته الملكة عنخ إس إن با آتون والتي غيرت اسمها عند انتقالها من العمارنة إلى عنخ إس إن آمون.
يوجد بالمقبرة العديد من القطع الأثرية التي كانت مخصصة لإخناتون ووُضع اسم توت عنخ آمون بدلًا منه واعتبرا هوارد كارتر واللورد كارنارفون مقبرة توت عنخ آمون أنها مقبرة إنجليزية وليست مصرية وعاملا الصحفيين والضيوف معاملة سيئة ومنعوا بعض المصريين من دخول المقبرة وذلك دفع اللورد وكارتر إلى سرقة العديد من القطع من داخل المقبرة.
سُميت مقبرة توت عنخ آمون باسم المقبرة الذهبية وذلك بسبب آلاف القطع التي عُثر عليها من الذهب داخل المقبرة ولذلك سُمي الملك توت عنخ آمون بالملك الذهبي أيضًا وسُميَّ قناعه بالقناع الذهبي واكتشاف مقبرة توت عنخ آمون من أعظم الاكتشافات الأثرية التي تمت في القرن العشرين.
تخطيط المقبرة في ذلك الوقت لم يكن متأثر بمقابر الأسرة الثامنة عشر ولكنها تتشابه في الشكل مع مقبرة أخرى غير ملكية وهي مقبرة “يويا وتويا” وتتكون المقبرة من أربع حجرات صغيرة وللمقبرة مدخل في نهاية الممر الأول يؤدي إلى حجرة أمامية منحوتة في باطن الصخر مثل كل حجرات المقبرة وتؤدي هذه الحجرة مباشرةً إلى حجرتين أخرتين ويؤدي المدخل في النهاية الجنوبية للحائط الغربي للحجرة الأمامية إلى غرفة جانبية أخرى ويؤدي المدخل الثاني الواقع في منتصف الحائط الشمالي للحجرة الأمامية ومحاط بتمثالين بالحجم الطبيعي لحارسين إلى حجرة الدفن نفسها ويوجد عند النهاية الشمالية للحائط الشرقي من حجرة الدفن مدخل يؤدي إلى حجرة تخزين أُطلق عليها اسم “حجرة الكنز”.
كان الممر مملوء بكسرات الدبش وكان هناك آثار تدل على قيام اللصوص بفتح الممر وأعادت شرطة الجبانة سده وعثر كارتر على عدد من القطع المختلفة في الدبش منها أواني حجرية وفخارية وأختام طينية وبعض أمواس الحلاقة وبطاقات خشبية والعديد من القطع الأثرية من الخشب والخزف والزجاج وأشكال معدنية وعُثر أيضًا على رأس رائعة للملك توت عنخ آمون وكأنه معبود الشمس منبعثًا من زهرة اللوتس والتي تُعتبر كنز من كنوز مقبرة الملك الذهبي.
الحجرة الأمامية تُعتبر من أجمل حجرات مقبرة الملك الذهبي والتي صورها هاري برتون بعد اكتشافها مباشرةً وعُثر فيها على الأسّرة والصناديق والعربات المفككة وطول الحجرة يصل إلى 8 أمتار وسجل كارتر في دفتر يومياته “يوميات الحفائر” أن هذه الحجرة احتوت على 171 قطعة كبيرة وكان يوجد بها ما بين 600 إلى 700 قطعة استغرق إفراغها حوالي الشهرين وعُثر في اتجاه الحائط الغربي على ثلاثة أسّرة مدعمة بحيوانات رائعة محفوظة جيدًا وخشب مطلي بالذهب ومُطعم بالعاج أو الزجاج وكانت دعائم سرير واحد منها على شكل المعبودة عنموت وجزء من فرس النهر وجزء من تمساح وجزء من لبؤة تلتهم قلوب الأشرار حيث تدمرهم إلى الأبد وآخر كان مدعم ببقرتين يتوسط قرنهما قرص الشمس ويُعتقد أنها المعبودة “سخت محيت ورت” أما السرير الثالث مُحاط بلبؤتين أما الدعائم الموجودة في أعلى والمكدسة أسفل الأسّرة فكانت من الصناديق والكراسي والأعتاب وبعض القطع الصغيرة بما فيها أواني بيضاوية من الخشب تحتوي على القرابين وكان أحد هذه الصناديق الموجودة ملونًا ويُصور توت عنخ آمون وهو على عجلته الحربية ويمطر الأسيويين بالسهام وصندوق آخر يوجد به عصا استخدمها الملك الذهبي والعديد من القطع الأخرى المهمة وحملت بعض الصناديق أسماء ملكية مثل “إخناتون” و”نفر نفرو آتون” وعُثر أيضًا على أربع عربات مفككة والتي تُعرف بالعجلات الحربية وعربة فخمة تمكن هوارد من إخراجها وتركيبها وهاتان العربتان هما أكثر اثنتين فخامة وهي مكسوة بالذهب ومطعمة بالزجاج والحجر وعُثر مع العربات على كسوات أطقم الفرس وما يُوضع على عين الفرس من غمامتين وعصا السياط وغيرها من القطع المرتبطة بكسوة الخيول الملكية.
عُثر على كرسي العرش ملفوف بالكتان ويُعتبر كرسي العرش من أهم القطع الأثرية الملكية التي عُثر عليها داخل مقبرة الملك الذهبي وصُنع الكرسي من الخشب ومكسي بشرائح ذهبية وبه زجاج وفيانس وفضة ويصل طوله إلى 104 سم وصُور الملك وهو يرتدي رداء طويل وجزء من جسمه عاري ويضع على صدره قلادة عريضة ويلبس باروكة شعر قصيرة ويضع يده اليسرى على ركبته اليسرى واليمنى فوق الكرسي من أعلى وفوق الرأس يوجد غطاء الرأس المعروف باسم “تاج آتف” ويضع قدميه على مسند للقدمين عالي بعض الشيء ويُعتقد أن كرسي العرش يعود إلى بداية عصر الملك توت عنخ آمون وخاصةً لوجود اسم الولادة للملك والملكة وهو “توت عنخ آمون” أي التي سوف تحيا من أجل آتون.
أطلق هوارد كارتر اسم صندوق الصيد على قطعة عُثر عليها في الحجرة الأمامية وهي أول قطعة يتم استخراجها من المقبرة والصندوق مصنوع من الخشب وملون بألوان رائعة وعليه مناظر مصورة للملك الذهبي جعلت من الصندوق قطعة فنية رائعة لا مثيل لها ويُعتبر هذا الصندوق من أجمل القطع النادرة التي عُثر عليها داخل المقبرة وعُثر داخل الصندوق على ملابس الكاهن ورداء وصنادل ومسند للرأس مغطى بالذهب وعُثر على ملابس أيضًا للملك الذهبي ويبدو أنه قد استعملها في سن التاسعة عندما تولى الحكم وغطاء الصندوق يأخذ شكل القبو بالإضافة إلى المناظر التي توجد على جانبي الصندوق.
عُثر أيضًا على مانيكان للملك توت عنخ آمون داخل الحجرة الأمامية وأخذت هذه القطعة شهرة تساوي شهرة تحف أخرى مثل القناع والتوابيت وعثر هوارد كارتر على هذه القطعة أسفل واحدة من العجلات الحربية للملك وصُنع هذا التمثال من الخشب الملون وعثر كارتر على كأس يُعرف بـ “كأس الأمنيات” على مدخل الحجرة الأمامية والإناء على شكل زهرة اللوتس منتفخة من اللوتس الأبيض ومحاطة ببراعم اللوتس ويُعتقد أن هذا الكأس رمز قوي لإعادة ولادة الملك إلى الحياة وممكن أن يكون استعمله الملك الذهبي في شرب المياه أو النبيذ.
نجد بعد ذلك الحجرة الملحقة ولهذه الحجرة طبيعة خاصة حيث تم العثور بداخلها على أكثر من ألف قطعة أثرية وعثروا أيضًا على 36 إناء من أواني النبيذ واحتوت الحجرة على المزيد من القوارب وكذلك الأثاث كما تم العثور على العديد من السلال التي كانت تُستخدم لحفظ الفاكهة والخضراوات وعُثر أيضًا على العديد من تماثيل الأوشابتي والمصنوعة من جميع الأنواع من الخشب والفيانس الملون والعديد من الأحجار المختلفة حيث عُثر في مقبرة توت عنخ آمون فقط على 413 تمثال واحد لكل يوم في الـ 365 يوم في السنة.
عُثر على التوابيت الثلاثة للملك توت عنخ آمون داخل تابوت حجري مستطيل مصنوع من مادة الكوارتزيت ويصل طول التابوت إلى 274 سم وعُثر داخله على مومياء راقدة داخل ثلاثة توابيت بالشكل الإنساني أما التابوت الأول الخارجي فمازال يوجد داخل التابوت الحجري حتى يومنا هذا وصُنع هذا التابوت من الخشب المطلي بالذهب والزجاج والفضة وعندما قرر كارتر أن يزيل المقصورة الرابعة والأخيرة من حجرة الدفن عُثر أسفلها على التوابيت والتي كانت كاملة لم تُمس من قبل والتابوت الحجري نُحت من قطعة واحدة من الكوارتزيت الأصفر ونُحت في أركانه الأربعة أشكال المعبودات الأربعة الحامية “إيزيس” و”نفتيس” و”نيت” و”سلكت” مرسومة بالنقش البارز على الجوانب الأربعة للتابوت.
تُعتبر الحفائر التي تمت داخل حجرة الدفن فريدة من نوعها لأن المقبرة تم كشفها كاملة لم تُمس رغم دخول اللصوص إليها مرتين وتم فتح أول تابوت وعثروا أعلى التابوت الثاني على أكفنة كتانية وبقايا إكليل من الزهور كما تم فتح التابوت الثاني والثالث وكانا مغطيان بأكفان كتانية وأكاليل زهور كما أن آثار الملك توت عنخ آمون نُقلت إلى المتحف الكبير وتم افتتاح قاعات الملك الذهبي في نهاية عام 2020م.
المرجع:
توت عنخ آمون- زاهي حواس