اسم نفرتاري يعني أجملهم مما يؤكد مكانتها وكلمة نفر تعني جميل ولم تكن نفرتاري أول من حمل هذا الاسم حيث سبقتها الملكة أحمس نفرتاري في الأسرة الثامنة عشر والتي ألهها المصريون بعد وفاتها وغالبًا سُميت نفرتاري تيمنًا بها أو قد تكون من نفس العائلة ومن ألقابها الأميرة الوراثية مما يؤكد مكانتها الكبيرة في طيبة.
ومن دراسة ألقابها يتضح أنها ملكة غير عادية مثل الزوجة الملكية الكبرى وسيدة الأرضين وربة مصر العليا والسفلى كما شغلت منصب زوجة الإله حيث ذُكر هذا اللقب مرتين أمام صورتها في مقبرتها وبسبب جمالها الشديد لُقبت بمليحة الوجه والوسيمة ذات الريشتين ومن المؤكد أن المنية وافتها قبل احتفال الملك رمسيس الثاني بعيده الثلاثيني الأول حيث لم يتم ذكرها.
كان لمشاركتها للملك رمسيس الثاني في الطقوس والاحتفالات الرسمية وضع لم تعهده من قبل لأي ملكة إلا مع نفرتيتي وإخناتون وكانت نفرتاري الملكة المفضلة بين زوجات الملك رمسيس الثاني وبالرغم من قلة الوثائق التاريخية يمكننا التعرف على آثارها في ذلك العصر ومن أهمها معبد أبو سمبل الصغير بالنوبة الذي كرس لعبادتها مع حتحور والذي تم نحته في بطن الجبل.
قامت البعثة الإيطالية للآثار في مصر برئاسة سكياباريللي باكتشاف مقبرة نفرتاري عام 1904م وتقع يمين مدخل وادي الملكات بالبر الغربي بالأقصر والقطاع الذي نُحتت فيه مقبرة نفرتاري من الجبل يُعد من أسوأ أنواع الحجر الجيري ولذلك غُطيت جدرانها بطبقة من الملاط نُحتت عليه النقوش الحائطية ببروز خفيف.
ظهرت الملكة في كل صورها على جدران المقبرة وهي ترتدي رداء شفاف فضفاض ذو ثنيات من اللون الأبيض وظهر منه ساعديها وربطته بشريط معقود أسفل صدرها يتدلى منه طرف الرباط وتضع على رأسها تاج على هيئة طائر الرخمة من الذهب وفي أحيان كثيرة تضع تاج آخر يعلوه طائر الرخمة وريشتان بينهما قرص الشمس وتزينت الملكة بالعديد من الحلي من أقراط وأساور وعقود وتضع أيضًا مساحيق الزينة على وجهها.
تشبه مقبرة نفرتاري في تصميمها مقبرة الملكة توي زوجة الملك سيتي الأول وتبدأ المقبرة بسلم حجري يتكون من 18 درج يؤدي إلى مدخل المقبرة الذي يؤدي بدوره إلى قاعة مربعة الشكل على جانبيها الغربي والشمالي يوجد طنف بطول قامة الشخص العادي وكانت غالبًا لوضع الأدوات والتقديمات الجنائزية ونُقش على الحائط أعلى ذلك الطنف الفصل الـ 17 من كتاب الموتى الخاص بالدخول والخروج إلى العالم الآخر.
على يسار الداخل مناظر تمثل الملكة وهي تلعب الضامة داخل خيمتها وبعد ذلك صورة البا (الروح) على هيئة طائر برأس الملكة وهي تقف فوق مقبرتها ثم نجد الملكة تركع على ركبتيها في وضع التعبد على الحائط الغربي نجد رسم للأفق (الآكر) وهو عبارة عن أسدين بينهما قرص الشمس وبعد ذلك نجد طائر البنو يليه مومياء نفرتاري داخل خيمة التحنيط تحرسها إيزيس ونفتيس على هيئة أنثى الصقر من الجانبين ثم إله النيل مرة جالسًا يضع يده على عين حورس ومرة أخرى واقفًا وتستمر هذه المناظر فوق نقوش الفصل الـ 17 من كتاب الموتى وعلى الحائط الشمالي حيث نرى بقرة متربعة على الأرض يليها أولاد حورس اثنين على كل جانب من تابوت بداخله الإله أنوبيس قابعًا على قاعدة ثم مومياء رع حور آختي والملكة جالسان على كرسيان وجلس خلفهما إله آخر على هيئة حورس وعلى يسار الداخل تقف الملكة ترفع يديها في وضع المتعبدة وهي تدخل مملكة آلهة الآخرة حيث نرى أوزوريس جالس على عرشه خلفه الإله أنوبيس.
على الجانب الآخر نرى الإله أوزوريس واقف داخل الناووس وبين الجانبين صف علوي يتوسطه إله جالس يضع كل يد من يديه على عين حورس في كلا الجانبين صف من ريش النعام والحية المقدسة وعلى جانبي الحائط المؤدي إلى قاعة جانبية نجد على كلا الجانبين الآلهة نيت ربة سايس على الجانب الأيمن والإلهة سرقت على الجانب الأيسر وعلى كلا الجانبين عمود الچد له يد آدمية ويلبس التاج الخاص بالإله تاتنن جزءه الأسفل عبارة عن رداء طويل يشبه رداء الملكة نفرتاري ويقبض بكلتا يديه على علامتي العنخ والحقا.
على يمين الداخل منظر عبارة عن الإله حورس يقدم الملكة نفرتاري إلى الإله رع حور آختي تجلس خلفه حتحور وتضع على رأسها علامة الأمنتت وعلى الجانب المقابل الإلهة إيزيس تقدم الملكة نفرتاري إلى الإله خبري الجالس على عرشه ثم نجد على مدخل قاعة أخرى أعلى الباب الإلهة نخبت على هيئة أنثى النسر والتي تمسك بكلتا يديها علامة الشنو وعلى عضدي الباب نجد الإلهة ماعت على كلا الجانبين تضع على رأسها ريشتها رمز العدالة ونجد على يسار هذه القاعة الملكة نفرتاري تقدم علامة الملابس إلى الإله بتاح داخل الناووس وخلفه عمود الچد.
على الحائط الشمالي من هذه القاعة الفصل 94 من كتاب الموتى وبجواره أبيس جالس على العرش وأمامه تقف الملكة بينهما رموز الكتابة والإلهة حقات ربة الخلق والحياة وعلى الحائط الشرقي منظر مزدوج للتقديمات حيث نرى الملكة بذراع ممدود تمسك الصولجان وأمامها القرابين مرة أمام الإله آتوم ومرة أخرى أمام الإله أوزوريس الجالس على العرش وأمامه أولاد حورس الأربعة وعلى الحائط الجنوبي منظر من الفصل 184 من كتاب الموتى وهو من ثلاثة صفوف نجد بالصفيين العلويين سبع بقرات وثور وفي الصف السفلي أربعة مجاديف ترمز لاتجاه قوى السماء.
على الحائط الغربي نقش للملكة وهي ترفع يديها تعبدًا لهذا المنظر وخلفها إيزيس ونفتيس يسندان بكلتا يديهما مومياء محنطة برأس كبش يعلو قرنيه قرص الشمس كُتب أمام وجهه رع ومن أسفل كُتب “رع يستريح في أوزوريس وأوزوريس يستريح في رع” وهو يرمز لاستمرارية الحياة ومن الصالة الأولى ينحدر سلم يؤدي إلى قاعة التابوت مكون من 18 درج ومن أهم مناظره الملكة نفرتاري وهي تقدم نفسها وقرابينها إلى الآلهات إيزيس ونفتيس وحتحور وسرقت ونُقش على الجزء السفلي من الحوائط الإله أنوبيس على كلا الجانبين فوق قاعدته الشهيرة التي تمثل واجهة المقبرة.
يعلو المدخل المؤدي إلى حجرة التابوت الإلهة ماعت تجلس على الأرض وتفرد جناحيها وهي ترمز للدخول إلى دار الحق وحجرة التابوت مستطيلة الشكل ويحمل سقفها أربعة أعمدة ويلحق بها ثلاث حجرات صغيرة كانت غالبًا لحفظ بعض الأثاث الجنائزي ونُقش على الجوانب الأربعة لكل عمود الآلهة الحامية في العالم الآخر وهم أوزوريس وحورس وحتحور وأنوبيس والعمود چد وعلى حوائط هذه القاعة نجد نفرتاري وأمامها نص عبارة عن تعويذة في معرفة بوابات مملكة أوزوريس وبعد ذلك نجد عدة بوابات يحرسها المردة والآلهة الخاصة بها.
لم يتم فتح المقبرة منذ اكتشافها نتيجة لحدوث بعض تلفيات من ترسب الأملاح وتلف مساحة كبيرة من الزخارف واستخدم في نحتها نوع رديء من الحجر الجيري وكان لزامًا على الفنانين القدامى تغطية أسطح الجدران بطبقات من الجص ثم نقشها وزخرفتها بالحفر الغائر بمهارة فائقة والسبب الوحيد وراء التلفيات التي تعاني منها المقبرة هو الأملاح الصخرية التي تبلورت تحت طبقة المصيص ودفعتها للسقوط.
المرجع: مقبرة الملكة نفرتاري